شدد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس على المسلمين إلى تجنب الفتن المدمرة التي جنحت بهم إلى هوة الاختلاف والتقاتل، وحذر من الفرق التي اتخذت مناهل الباطل زاعمين بذلك الإصلاح، فقتلوا وسفكوا الدماء ودمروا شاهق البناء وشوهوا قيم الدين . وقال الشيخ السديس في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "ليس يخفى على أولي الألباب ما شهدت به الحضارات بأن شريعتنا الإسلامية الغراء غيرت بنور عدلها وهديها قاتم معالمها، فطمثت جورها ومظالمها وانتزعت شحنائها وبغضائها وغرست في البرية رحماتها ومكارمها، ومن ثم برزت في حياة التعايش والتسامح الأجمل والمستقبل الآمن". وأوضح الشيخ السديس أن تلك الكوارث الأليمة التي أثرت في خاصرة الإسلام هي نتيجة للذين اختزلوا الإسلام ومعانيه السامية بأسماء مستعارة، توارت خلف الإرهاب الفكري والشذوذ العلمي، الذي تنصل من الاعتدال والوسطية، فنجم عن ذلك الإرهاب المسلح والإقصاء، وحجر الحق على فكر وحيد، وإنما أفكار إرهابية دخيلة تلقفت كنانتها المسمومة أذيال التفريق . وتعجب خطيب المسجد الحرام من بعض العقلاء من أهل الإيمان الذين يعجبون من الذين يحرفون كلام الله وفق نعرات عصبية وأهواء حزبية، ومصالح ذات أجندة وتبعية، فيعمدون إلى تخصيص عامه ومجمله على غير محمله، في نصوص الشرع، متغلفين به لقتل الآمنين وترويع المسلمين وتخريب المنشآت، وعدم المبالاة في إزهاق الأرواح المعصومة، فحصل من الأحداث ما يبعث الأسى ظلاما وبطشا. كما حذر الشيخ السديس من الذين انتحلوا قضية الإصلاح كذباً واستغللاً لعقول السذج، ويدعون إلى أنهم إلى الدين الحنيف أقرب ولكن أفعالهم عن ذلك ببعيد، وأقوالهم المنمقة تفضح مكنون ضلالهم وتكشف مضمون سرائرهم، بأنهم اتخذوا الدين برخيص أفعالهم، مستغلين بذلك أطماعهم الشنيعة بالتضليل والخديعة. كما تطرق الشيخ السديس إلى معاناة الشعب السوري، وما قام به الطغاة في الغوطة الشرقية من بلاد الشام التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة المحرمة شرعياً ودولياً. وأشار إلى أن من أبشع جرائم الإرهاب ما قاموا به وما أتبع ذلك من قصف بالصواريخ، ما تسبب في حصول كارثة إنسانية خطيرة وفاجعة بشرية أليمة، راح ضحيتها أكثر من ألف وأربعمائة قتيل وأكثر من ستة آلاف مصاب، مما لم يشهد التاريخ المعاصر له مثيلاً. وناشد إمام وخطيب المسجد الحرام الضمير الإنساني بالتحرك الجاد السريع بوضع حد لهذا النظام الظالم، واتخاذ المواقف الحازمة تجاهه، بكف بطشه وإرهابه ضد إخواننا الأبرياء.