باتت جماعة «الإخوان المسلمين» في عهدة نائب مرشدها محمود عزت بعد اعتقال المرشد العام محمد بديع فجر أمس. وعزت هو النائب الثالث لمرشد «الإخوان» وسيتولى قيادتها وفقاً للائحة الجماعة في ظل اعتقال المرشد ونائبيه الأول خيرت الشاطر والثاني رشاد البيومي. وظهر ارتباك في صفوف الجماعة إزاء خطوة تولي عزت منصب المرشد العام موقتاً، فبعدما أعلنت عبر موقع ذراعها السياسية حزب «الحرية والعدالة» عن «تولي الدكتور عزت مرشداً عاماً للجماعة في شكل موقت» بعد اعتقال بديع، عادت وأكدت عبر الصفحة الرسمية للحزب نفسه على موقع «فايسبوك» أنه «لم يصدر أي تصريح عن الجماعة بعد اعتقال بديع ولا صحة لما تم تداوله عما سمي مرشداً موقتاً». ورفع موقع الحزب على الإنترنت خبر اختيار عزت. وقال القيادي في الجماعة والأمين العام لحزبها في القاهرة خالد حنفي خلال مؤتمر صحافي أمس: «لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد نبأ اختيار الدكتور عزت مرشداً عاماً»، ما يشير إلى خلافات داخل الجماعة في شأن هذا الأمر، أو على الأقل مناورة لتجنب انقسامات قد يثيرها تولي عزت المعروف بتشدده. ووفقاً للائحة الجماعة فإنه في حال غياب المرشد العام خارج البلاد أو تعذر قيامه بمهامه لمرض أو لعذر طارئ يقوم نائبه الأول مقامه في جميع اختصاصاته، وفي حال حدوث موانع قهرية تحول دون مباشرة المرشد مهامه يحل محله نائبه الأول ثم الأقدم فالأقدم من النواب ثم الأكبر سناً فالأكبر سناً من أعضاء مكتب الإرشاد. ويُعتقد أن هذا الارتباك مرده ترجيح مغادرة عزت الأراضي المصرية بعد عزل مرسي، وهو ما رددته مصادر إعلامية مصرية، لكن لم يتسن التأكد من صحته. وقال القيادي السابق في «الإخوان» كمال الهلباوي ل «الحياة» إن «تاريخ الجماعة دائماً ما عرف هذا النوع من الغموض، خصوصاً في ظل الأزمات الكبرى كالتي تمر بها الجماعة الآن». وأوضح أنه «وفقاً للائحة إذا واجهت المرشد صعوبات على التحرك أو أي شيء يمنعه عن العمل، فلا بد أن ينوب عنه شخص، عادة ما يكون نائبه، وعزت تولى القيادة بهذه الصفة». وأضاف: «حدثت أشياء مشابهة لهذا الموقف في تاريخ الإخوان، حتى أنه قبل اختيار عمر التلمساني مرشداً بعد وفاة المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي، كان هناك مرشد خفي تولى القيادة قبل التلمساني اختاره الناس في السر لأن غالبية القيادات كانت في السجن، ولم يظهر إلى العلن أبداً». وقال الهلباوي إن «عزت رجل مؤدب وخلوق، وهو لا يجيد الكلام ويؤمن جداً بالعمل السري أكثر من العلني... هذه مواصفاته، ولا أظن أنها تصلح لقيادة الإخوان في هذه المرحلة». وأوضح أنه محسوب على «التيار القطبي المتشدد» داخل الجماعة، في إشارة إلى معتنقي أفكار سيد قطب الذي سجن عزت معه في العام 1965. ومحمود عزت يعد من أكثر قيادات جماعة «الإخوان» غموضاً، ولا يُفضل الظهور في وسائل كغالبية قيادات الجماعة «القطبيين»، كالمرشد الثامن للجماعة محمد بديع وخيرت الشاطر. وقلما ظهر في مؤتمرات صحافية إلى جوار بديع، ما يرسخ الانطباع بكونه «رجل الظلال». وعزت (69 عاماً) مطلوب القبض عليه على خلفية أحداث قتل متظاهرين أمام مكتب إرشاد «الإخوان» أثناء تظاهرات 30 حزيران (يونيو) الماضي التي أطاحت الرئيس المعزول محمد مرسي. وهو عضو في مكتب إرشاد «الإخوان» وأستاذ في كلية الطب في جامعة الزقازيق. وحصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية في العام 1998. انضم عزت إلى «الإخوان» في سن مبكرة ولم يكن تجاوز العشرين عاماً حين كان طالباً في كلية الطب في جامعة الزقازيق، واعتقل مرات عدة أولها في العام 1965 وسُجن 10 سنوات، وفي السجن تتلمذ على يد شكري مصطفى تلميذ سيد قطب. كما سُجن على ذمة قضية «سلسبيل» الشهيرة في التسعينات. وفي العام 1981 اختير عضواً في مكتب الإرشاد ولم يكن تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره. وقال الهلباوي إن عزت يحتفظ بعلاقات قوية مع قيادات التنظيم الدولي للجماعة، وهو يهتم أكثر ب «فكرة التنظيم وترابطه»، لافتاً إلى أن مهمته في الجماعة «تتعلق بالتنظيم بالأساس». والرجل النحيف الغائر العينين رشحته ملامحه الحادة للقب «ثعلب الجماعة»، وهو اشتهر بأن له دوراً في إقصاء الأصوات المعتدلة والإصلاحية داخل الجماعة عبر انتخابات مجلس الشورى ومكتب الإرشاد في نهاية العقد الماضي.