تشهد جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر حالة من الحراك الداخلي بعد اختيار الدكتور محمد بديع مرشداً للجماعة قبل اسبوعين. ويعول كثيرون على ذلك في سبيل ترميم البيت الداخلي في «الإخوان» بعدما شهد تصدعاً هدد مستقبله كأكبر فصيل معارض في مصر. وأقفلت جماعة «الإخوان» أمس الستار على بورصة التوقعات في شأن اختيار نواب جدد للمرشد العام، فأعلنت عن تعيين جمعة أمين والدكتور رشاد البيومي والدكتور محمود عزت نواباً جدداً لبديع، على أن يستمر المهندس خيرت الشاطر، المسجون الآن في القضية العسكرية الشهيرة ب «مليشيات الأزهر»، في منصبه. وعلى رغم أنه يبدو من اختيار نواب المرشد أن الجناح المحافظ بات يتحكم ويسيطرعلى قرارات «الإخوان»، خصوصاً أن محمد بديع وجمعة امين يعدان من تلامذة القيادي الأصولي سيد قطب، غير أن الجماعة سعت في المقابل إلى ما يشبه «تقسيم الأدوار» حين اختارت ثلاثة من الجناح الإصلاحي أو ما يعرف ب «تيار الشباب» هم الدكتور محمد مرسي ورئيس الكتلة البرلمانية للجماعة الدكتور محمد سعد الكتاتني، إضافة إلى الدكتور عصام العريان، مستشارين إعلاميين. ومعروف أن هذا الجناح منفتح فكرياً على القوى السياسية ويتمتع بقدرة كبيرة على التعامل مع الإعلام. وأوضح مصدر قيادي في «الإخوان» «أن اختيار أمين والبيومي وعزت نواباً للمرشد جاء بناء على ان الثلاثة نافسوا بديع في الانتخابات التي جرت لاختيار المرشد»، مشيراً الى أن «العرف داخل الإخوان جرى على اختيار منافسي المرشد نواباً له، مثلما حدث في عام 2004 عندما تم اختيار الدكتور محمد حبيب والمهندس خيرت الشاطر نواباً للمرشد السابق مهدي عاكف». واعتبر المصدر ان اختيار الدكتور محمود عزت نائباً للمرشد «عزز من سيطرته على مقاليد الامور داخل الإخوان حيث إنه يعد النائب الفعلي لبديع إذ إن امين موجود في الأسكندرية ولا يحضر اجتماعات مكتب الارشاد بصفة مستمرة نظراً لكبر سنه، كما ان حركة البيومي ايضاً ضعيفة وهو منشغل بمهماته العلمية كخبير في الجيولوجيا». وكان مكتب المرشد العام أعلن قبل اسبوع عن اختيار الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة أسيوط الدكتور محمود حسين أميناً عاماً ل «الإخوان» بدلاً من الدكتور محمود عزت الذي كان يحتل هذا المنصب في فترة تولي عاكف مهمة المرشد وينظر الى عزت على انه «مرشد الظل» والمتحكم بقرارت الجماعة، غير أن قادة الإخوان يرفضون هذا الوصف مؤكدين أن الجماعة مؤسسة ولا يحكمها أشخاص. ورأى مصدر قيادي في «الإخوان» ان السرعة غير المعهودة في ملء المناصب الداخلية، يدل على «محاولة لإنهاء الخلافات تمهيداً للاستعداد بقوة لدخول انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري)»، وقال «جماعة الإخوان تريد حسم الملفات الداخلية قبل التحول الى التعاطي مع القضايا الخارجية والتي ينتظر ان تشهد «معارك مع النظام والحزب الحاكم». وكانت جماعة «الإخوان» اعلنت خوض الانتخابات البرلمانية التكميلية على مقعدين في دائرة أجا التابعة لمحافظة الدقهلية (دلتا النيل)، بعد صدور حكم قضائي بإجراء انتخابات تكميلية لانتخابات مجلس الشعب التي اجريت عام 2005 في10 شباط (فبراير) المقبل، على أن تكون جولة الإعادة اذا حدثت في 17 من الشهر نفسه. واعتبر المصدر ان مشاركة «الإخوان» في تلك الانتخابات مجرد «بالون اختبار» تمهيداً لاستحقاقات أهم. من جهته اكد عضو مكتب الارشاد الدكتور عصام العريان «أن هناك أجواء حسنة داخل الجماعة والكل يريد لململة الاوراق الداخلية تمهيداً للانطلاق في أعمالنا الخارجية» ويرى العريان أن خوض جماعته الاستحقاقات البرلمانية والتي تشهدها البلاد خلال العام الحالي «كفيلة بإنهاء الخلافات»، مؤكداً ل «الحياة» أن «احد وسائل ترتيب البيت الداخلي هو خوض الانتخابات المقبلة، اذ إن اعضاء الجماعة سينشغلون في الترتيب لخوضها وعندها لن يلتفتوا الى الخلافات الداخلية».