أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل عن قلقه من أن تكون محصلة الحراك الأميركي في عهد الرئيس باراك أوباما «تركيب معادلة جديدة مفادها تعليق موقت للاستيطان مدة 9 أشهر يقابله استئناف للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وتطبيع عربي - إسرائيلي». وحذر مشعل في مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عقب لقائهما أمس في أحد الفنادق الكبرى شرق القاهرة، «من أن هذه المعادلة خطيرة جداً، ولا يجوز اختزال القضية الفلسطينية في مسألة الاستيطان، خصوصاً أن هناك التفافاً إسرائيلياً على المطلب الأميركي». وأشار إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومشاريعه العملية في بناء مئات وآلاف الوحدات السكنية الاستيطانية وما يجري في القدس من تهويد ومصادرة للأراضي وهدم المنازل وتهجير سكانها، معتبراً أن هذا الأمر بالغ الخطورة. كما حذر مشعل من اختزال القضية الفلسطينية في الضفة الغربية وشطب الخارج وقطاع غزة، منبهاً إلى أن ذلك سيكون مدمراً للحاضر والمستقبل الفلسطيني. وأعرب عن سعادته لنتائج زيارته للقاهرة لما لقيه من موقف مصري واضح بضرورة المضي في خيار المصالحة والذهاب بعد ذلك إلى الانتخابات بعد استقرار أجواء المصالحة وعدم استثناء أي جزء من الوطن الفلسطيني من هذه الانتخابات. وقال مشعل إنه التقى في شكل مطول رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير عمر سليمان، مشيراً إلى أن زيارة وفد «حماس» للقاهرة تأتي لبحث موضوعين محددين، الأول هو المصالحة الفلسطينية، مؤكداً ضرورة المضي في خيار المصالحة باعتباره الطريق الوحيد، ولا يمكن أن تجري انتخابات رئاسية وتشريعية إلا في ظل التوافق والمصالحة الفلسطينية. ورفض أي أفكار لإجراء انتخابات بسياسة الأمر الواقع التي ستقود عملياً إلى استثناء غزة وحصر الانتخابات في الضفة الغربية. وأوضح أنه تمت خلال محادثاته في القاهرة مناقشة الصراع العربي - الإسرائيلي والوضع الفلسطيني - الإسرائيلي. وأكد أن لقاءه موسى تمخض عن «ضرورة بلورة موقف عربي يضع القضية الفلسطينية في سياقها الطبيعي، وهو أن هناك أرضاً محتلة، ولا بد من الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) ولا بد من التسليم بالحقوق الفلسطينية في الأرض وفي القدس وفي حق العودة». وأوضح أن هذا هو مفهوم القضية الفلسطينية، وأن أي حديث عن التسوية لا يكون مجرد خطوة شكلية لاستئناف المفاوضات وإعطاء الإسرائيليين جائزة بالتطبيع العربي في مقابل خطوة محدودة موقتة إسرائيلية، معتبراً أن كل ذلك سيأتي في «سياق خدمة الأجندة الأميركية في المنطقة». من جانبه، أكد موسى أن توحيد الصف الفلسطيني ضرورة لتشكيل موقف موحد في مواجهة التحديات الحالية، خصوصاً أمام الإصرار الإسرائيلي المتعنت الرافض للتعاون والذي لن يؤدي إلى أي تقدم في عملية السلام. وأشار إلى إصرار إسرائيل على موقفها المتعنت وغير المتعاون الذي لا يمكن أن يؤدي إلى أي تقدم في عملية السلام وأن هذه هي الأمور التي بحثت مع مشعل. ورداً على سؤال عن موقف الجامعة العربية من تطبيع دول عربية والسماح بدخول الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها، قال موسى: «لا يوجد تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، ولا توجد مثل هذه القرارات في الجامعة العربية، ولا أعتقد أن هناك حكومة عربية تقدم تطبيعاً لإسرائيل على طبق من فضة ... لا داعي للحديث عن تطبيع أو أي خطوة تطبيعية في وقت يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخاذ أي خطوة ذات معنى تجاه عملية السلام»، مشدداً على ضرورة إغلاق هذا الملف التطبيعي «أما إذا فوجئنا بقيام بعض الدول العربية بتقديم تطبيع من دون إحراز أي تقدم من جانب إسرائيل، فأعتقد أن رد الفعل العربي سيكون عنيفاً». الدولة الواحدة ورداً على سؤال عن اقتراحات الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بأن الحل يتجه نحو الدولة الواحدة، قال مشعل: «ليس لدينا فائض وقت للحديث عن إقامة دولة أو دولتين، وإنما رؤية حماس هي أن هناك أرضاً فلسطينية أخذتها إسرائيل بطريقة غير مشروعة، والحل في وجهة نظرنا هو الانتهاء من الاحتلال، أما موضوع عقد اجتماعات للاتحاد من أجل المتوسط بمشاركة إسرائيل أو استيعاب لها، فهو أمر مرفوض بالنسبة الينا، فهي تمثل دولة محتلة تقوم بمصادرة أراض وارتكاب مجازر، ولا يجوز مكافأتها على مجازرها». وأشار إلى أن مطالب «حماس» من اجتماع مجلس الجامعة العربية المقبل على مستوى وزراء الخارجية العرب هو بلورة موقف عربي موحد من الصراع العربي – الإسرائيلي، وليس كما يريد نتانياهو. وعن رهان السلطة الفلسطينية على عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في كانون الثاني (يناير) المقبل وموقف «حماس» من هذه الانتخابات، قال مشعل: «حماس عندما شاركت في الانتخابات عام 2006، كانت تحترم القانون وتمت هذه العملية عبر آلية متفق عليها، ونحن نحترم القانون والاحتكام لموقف الانتخابات»، وتساءل: «كيف ستستمر هذه الانتخابات وهناك آلاف من المعتقلين؟». وقال: «هذا كلام غير منطقي، والحل في رأينا هو أن نذهب الى الانتخابات بتوافق وبمصالحة، وليس كما تريد السلطة الفلسطينية أن تكون من دون مصالحة، وهذا ليس حلاً في أن تكون حماس في الخارج وإنما هو أن نقبل الآخر بطريقة ديموقراطية لأن ما تقوم به السلطة غير مقبول». وعن مسألة المصالحة الفلسطينية، أكد مشعل جدية الحركة في ما يتعلق بتحقيقها، وقال: «الجانب المصري سيقدم ورقة في شأن إنهاء المصالحة الفلسطينية خلال الأيام المقبلة»، مؤكداً استعداد الحركة للتجاوب مع هذه المقترحات المصرية للوصول لخطوة حقيقية لإنهاء الانقسام في أسرع وقت ممكن. وأضاف أن «حماس» متفقة على معظم ملفات المصالحة الفلسطينية، نافياً في الوقت نفسه مسؤولية الحركة عن تعطيل تحقيق المصالحة. وفي شأن الإعلان عمن يعطل ملف المصالحة، قال مشعل: «نحن على استعداد للمصالحة بروح إيجابية، ونعمل على تهيئة الأجواء، لكن اسألوا الأخوة في مصر عمن يعطل». وفي ما يتعلق بمسألة التطبيع، حذر مشعل من الاستعجال العربي في التعامل مع ما هو مطروح أميركياً وإسرائيلياً في هذا الصدد، وقال: «أعلنا ترحيبنا باللغة الأميركية الجديدة لإدارة الرئيس باراك أوباما، لكننا سنختبر الموقف من خلال الأفعال لا الأقوال». ودعا العرب إلى أن يدخروا «الأوراق المتواضعة» التي بقيت بين أيديهم لإدارة الموضوع. الوساطة الالمانية في بدايتها وعن مسألة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى «حماس» غلعاد شاليت، أشار مشعل إلى حدوث تطور من خلال دخول الوساطة الألمانية وبعلم الإخوة في مصر وبالتنسيق المشترك معهم. وأوضح أن الموضوع لا يزال في بداياته ولم يتم التطرق للتفاصيل بعد أو الحديث عن الأسماء، منوهاً إلى أن هذه القضية في حاجة إلى بعض التأني.