من المسرح إلى الشعر والرواية، قدّم الأدب الروسي أهمّ الأعمال الإبداعية بين القرن التاسع عشر والعشرين وبات يعد من أهم الآداب العالمية. أعمال أثرَت الأدب العالمي وساهمت في تطويره، وكتّاب عظماء دخلوا التاريخ بإبداعاتهم، منهم نيكولاي غوغول، فيودور دوستويفسكي، ليو تولستوي، ميخائيل شولخوف، أنطون تشيخوف، إيفان بونين، مكسيم غوركي، ألكسندر سولجنيستين، باسترناك... ولكن، خلال العقود الأخيرة، خفت حضور الأدب الروسي في العالم، مقارنةً مع التوهّج الذي عرفته روسيا على مدار قرنين متتاليين. وقد تختلف الأسباب باختلاف الظروف والتغيّرات الكبرى التي شهدتها روسيا بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي وحالات الملاحقة والقتل والنفي التي تعرّض لها بعض الكتّاب والشعراء، بخاصة أثناء حكم غورباتشوف الذي وُصف بأنه الآلة المدمرة للأدب. وبعد حالة من العزلة عاشتها روسيا خلال فترة معينة، ظلّ الفتور يحكم علاقتها مع العالم «الغربي»، والمقصود هنا دول أوروبا والولايات المتحدة، ما انعكس على الاهتمام بأدبها وثقافتها. لكنّ فرنسا، وبخطوة جريئة وهادفة، سعت أخيراً إلى إعادة جسور التواصل بين الأدب الروسي والفرنسي (أو حتى العالمي)، من خلال معرض للكتاب الروسي تُقيمه في عاصمتها في عنوان: «روسكايا». ويُشارك في الدورة الأولى من هذا المعرض الذي يمتدّ على ثلاثة أيام (من 7 إلى 9 تشرين الثاني/ نوفمبر) أكثر من خمسين كاتباً روسياً أو ممّن يكتب باللغة الروسية، وعدد من دور النشر والمكتبات التي تعرض مجموعة واسعة من الروايات والكتب الروسية التي تُضيء على مؤلفات الجيل الجديد من الأدباء الروس، وأخرى لمؤلفين فرنسيين استوحوا أعمالهم وأحداثها من الثقافة الروسية نفسها. ومع أنّ المعرض يُضيء في شكل رئيسي على الأعمال الروسية الحديثة، لن يتغيّب الأدب الروسي الكلاسيكي عن الدورة الأولى من «روسكايا»، بل سيكون حاضراً في أكثر من جناح وفي أكثر من نشاط عبر أهمّ المؤلفات الإبداعية (بالروسية والفرنسية)، إضافة إلى كتب منوعة من الفنون التشكيلية إلى التاريخ والمجتمع والسياحة والمطبخ وكيفية اكتساب اللغة. تحتوي الدورة الأولى من هذا المعرض على برنامج غني ومكثّف، يتمثّل أولاً بحفلات توقيع للكتّاب الروس أو ذوي الثقافة الروسية، وقراءات شعرية وأدبية وندوات وعروض فنية وتجهيزية ومعارض فوتوغرفية وتشكيلية، منها: معرض فوتوغرافي في عنوان «على خطى غوغول في باريس»، وآخر عنوانه «900 يوم، من الحصار إلى ليننغراد» (وهو يحتوي صوراً مأخوذة لمدينة سان بطرسبرغ من ذاكرة الحرب العالمية الثانية)، ومعرض تشكيلي عن ثقافة الرحّل في عنوان «العالم مرّة أخرى»... ومن الكتّاب المدعويين للمشاركة في حفلات التوقيع أو الندوات والطاولات المستديرة: أندريه بيتوف، ديمتري شاباكوف، نتالي إيفانوفا، يوليا زويس، فلاديمير لورتشينكوف، أندريه أستفاتساتوروف، سيرغي كونشاروف (من روسيا)، فاليري جيرليستين (بريطانيا)، ليان غيوم، رينيه غيرا، إليزابيث بارييا، فريدريك دوغراف، بوريس لوجون (فرنسا).