لوّح مسؤولون حكوميون أمس بتحويل ملف «تجاوزات» جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية على القضاء، بعد فعاليات مكثفة أطلقتها الجماعة أخيراً في عمان ومدن الأطراف دعماً لتنظيم «الإخوان» الدولي، واحتجاجاً على عزل الرئيس المصري الإسلامي محمد مرسي القادم من حضن الجماعة الأم في مصر. وعلمت «الحياة» أن أركان سياسية وأمنية بارزة داخل مطبخ القرار دفعت خلال اليومين الماضيين باتجاه تحويل الملفات الخاصة ب «تجاوز» بعض قادة الجماعة المحسوبين على تيار الصقور (المتشدد) على النائب العام، وعلى رأسهم مراقب «الإخوان» همام سعيد ونائبه زكي بني أرشيد، لإصرارهم على إطلاق فعاليات مؤيدة لتنظيمهم الدولي، خصوصاً أمام السفارة المصرية غرب عمان، وما تضمنت هذه الفعاليات من نقد مباشر لمؤسسة القصر تجاوز الخطوط الحمر. وقال مساعدون رسميون ل «الحياة» إن نقطة التحول عند مؤسسات الحكم الأردنية تجاه الجماعة المرخصة منذ عام 1945، جاءت «إثر تصعيد الإخوان، ومحاولتهم نقل الفوضى التي تشهدها مصر إلى داخل المدن الأردنية، وسعيهم إلى فرض سياسة معينة على الديبلوماسية الأردنية (التي دعمت الحكم الجديد في القاهرة)». كما أكدوا استياء مرجعيات عليا من بعض الهتافات التي أطلقها مناصرو الجماعة خلال الفعاليات المذكورة، ومنها «ارحل يا سيسي (وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي)، مرسي هو رئيسي»، متسائلين: «كيف يكون رئيس دولة أخرى (معزول) رئيساً لمواطنين أردنيين». وأوضحوا أن مطبخ القرار يسعى هذه الأثناء إلى «إعادة ترتيب أوراقه، وإعلان مرحلة جديدة في خصوص التعامل مع المعارضة الإسلامية، لصون القانون والدستور (المعمول به منذ عام 1952)». وشرح مصدر آخر أن تحويل بعض ملفات «الإخوان» على القضاء «يتضمن وثائق مسجلة، تؤكد مخالفة بعض قادة الجماعة للقوانين والأنظمة التي يفترض أن يلتفتوا إليها». واعتبر أن إحالة بعض ملفات الجماعة على القضاء خلال الفترة المقبلة، «من شأنه أن يحسم الجدل المتصاعد في شأن مدى أحقية الإخوان ممارسة العمل السياسي، خصوصاً أن شروط ترخيصهم تنحصر في العمل الخيري فقط». واللافت أن تغير الموقف الرسمي تجاه «الإخوان» الأردنيين، جاء بعد أيام قليلة على إصدار الجماعة بياناً شديد اللهجة هاجمت فيه مؤسسات الحكم المختلفة، ووصفت الدعم السياسي المقدم إلى قادة الحكم الجديد في مصر بأنه «يضفي شرعية على مبدأ الانقلابات العسكرية، ويعيق حركة الشعوب». وقال الناطق باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني في تصريحات سابقة ل «الحياة» إن بلاده «ستتعامل مع تحركات وسلوك الإخوان الداخلي وفعالياتهم المتعلقة بقضايا الإقليم وفق أحكام القانون». وأضاف: «سنتخذ مواقف حال تجاوزت الجماعة القانون، ونؤكد دعمنا الكامل لاستقرار مصر وأمنها». في المقابل، قال الرجل الثاني في الجماعة زكي بني أرشيد ل «الحياة» إن التلويح بتحويل ملفات خاصة بقادة الجماعة على القضاء «يعبر عن انتهازية في استغلال اللحظة الإقليمية الراهنة للتعبير عن توجهات قوة متطرفة داخل الدولة تنتظر الثأر والانتقام من كل ما هو إسلامي». واستطرد: «إذا كان هناك من يريد بحث شرعية الجماعة، فعليه أولاً أن يبحث عن شرعيته». وعلى رغم أجواء الاحتقان المتصاعدة بين أجهزة الحكومة الأردنية والجماعة، إلا أن كل التحليلات يشير إلى عدم رغبة الحكم في حل التنظيم السياسي الأوسع في البلاد، بسبب الكلفة الباهظة التي قد تترتب على مثل هذه الإجراءات. كما تستبعد التحليلات ذاتها أن يلجأ التنظيم إلى المطالبة بإطاحة النظام، خصوصاً في ظل الهزات الكبيرة التي تعرض إليها عقب إطاحة تنظيمه الأم في مصر.