تحاول سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان أنجيلينا إيخهورست في جولاتها المكوكية على أركان الدولة اللبنانية والقيادات السياسية الرئيسة التخفيف من المفاعيل السياسية والأمنية المباشرة لقرار الاتحاد إدراج الجناح العسكري ل «حزب الله» على لائحة الإرهاب وتداعياته على الوضع الداخلي المتأزم الذي لا يزال يؤخر ولادة الحكومة الجديدة، فيما يتريث الرئيس المكلف تمام سلام في تكثيف مشاوراته للتغلب على العقد التي تعيق تأليفها. وعلمت «الحياة» ان إيخهورست اكدت في اجتماعها أمس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن القرار «سياسي بامتياز وينمّ عن رغبة أوروبية في توجيه رسالة وقائية تكون بمثابة خطوة احتياطية لمنع أي عمل أمني يستهدف بلدان الاتحاد الأوروبي أو مصالح الدول الأعضاء فيه». ولفتت المصادر الى أن ردود الفعل اللبنانية على القرار الأوروبي والتي تراوحت بين رفضه والدعوة الى إعادة النظر فيه، تهدف الى استيعاب رد فعل «حزب الله» عليه لجهة ضبطها لئلا تمتد الى منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و «يونيفيل» في جنوب الليطاني، والمكلفة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701. وقالت إنها تستبعد أي رد فعل يستهدف هذه المنطقة. ومع أن هذه المصادر لم تؤكد أو تنفي حصول دول الاتحاد الأوروبي، وتحديداً الدول المشاركة في «يونيفيل» على ضمانات بعدم التعرض لها، فإنها تبدي ارتياحها الى استمرار الاستقرار في منطقة العمليات المشتركة، وأن بعض «المناوشات» بين عناصر من القوات الدولية وأهالي بعض القرى سيبقى تحت السيطرة ولن يتطور الى إحداث تغيير في قواعد الاشتباك في جنوب الليطاني. واعتبرت أن دعوة بعض أركان الدولة الى رفض القرار موجهة الى الداخل اللبناني ولا تنطوي على رغبة في الدخول في صدام سياسي مباشر مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أنه حرص في قراره على تحييد الحكومة اللبنانية والتعاطي معها بإيجابية. وقالت إن الأخيرة لا بد من أن تعاملها بالمثل لأن الإبقاء على التواصل قائماً يفسح في المجال كما قال ميقاتي، أمام التحرك طلباً لإعادة النظر فيه. وأكدت المصادر أن التوجه الى الداخل بموقف يتراوح بين التشدد والمرونة يمكن أن يساهم في التخفيف من الآثار السلبية للقرار على الوضع الداخلي من جهة، ويتيح لأركان الدولة التحرك في اتجاه قيادة «حزب الله» لتهدئتها بغية خفض منسوب التوتر في خطابها السياسي، إضافة الى أنه يبقي التواصل قائماً بينها وبين الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي. وفي هذا السياق، تنظر مصادر سياسية لبنانية الى القرار على أنه أدخل بنداً جديداً على جدول أعمال تأليف الحكومة في ضوء الموقف الذي صدر أخيراً عن كتلة «المستقبل» النيابية وفيه دعوة «حزب الله» للعودة الى الالتزام بمرجعية الدولة اللبنانية في حصرية السلاح والتقيد بإعلان بعبدا وسحب كل المقاتلين وفرق الميليشيا من سورية ووقف كل النشاطات الأمنية والعسكرية في الخارج، في مقابل إصرار الحزب على أن يتمثل مباشرة في الحكومة باعتبار أن إخراجه منها يعني أن هناك استجابة لرغبة خارجية وهذا ما لا يستطيع أن يتحمله مع صدور القرار. وترى هذه المصادر أن الجهود الرامية لتأليف الحكومة قد تدخل، في ظل استمرار التباعد في المواقف، في «إجازة قسرية» تستمر الى ما بعد عطلة عيد الفطر السعيد، بعد أن سبقها المجلس النيابي في تمضية «إجازة مفتوحة». إلى ذلك، اتهم الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله اوروبا بالخضوع للصغوط الاميركية والاسرائيلية قبيل اتخاذها قرار وضع الجناح العسكري للحزب في لائحة الارهاب. وقال في خطاب القاه في حفلة افطار «هيئة دعم المقاومة» مساء أمس أن «المقاومة دائماً في دائرة الاستهداف على كل صعيد لاجل ازالتها وسحقها واعدامها». واقترح ان يمثل «الجناح العسكري» الحزب في حكومة رئيس الوزراء المكلف تمام سلام. وتساءل ما هي مصلحة الدول الأوروبية التي صوتت على قرار من هذا النوع؟ وقال «نحن امام اتحاد اوروبي يخضع للارادة الأميركية والاسرائيلية وهذا القرار ليس سيادياً اوروبياً وانما تم املاؤه على الاوروبيين ونحن لم نتفاجأ وكنا نتوقع القرار منذ وقت بعيد والغريب بالقرار أنه تأخر». واعتبر ان الدول الاوروبية «أعطت شرعية لاي عدوان اسرائيلي على لبنان وتجعل من نفسها شريكا كاملاً في المسؤولية عن أي عدوان على لبنان أو على المقاومة أو على أي هدف من أهداف المقاومة في لبنان». ونفى ان يكون للقرار اي تأثير اقتصادي سلبي على الحزب الذي قال انه لا يملك حسابات مصرفية في أوروبا أو اي مكان خارج لبنان. واشار الى ان لدى الحزب «قناعة منذ زمن انه اذا كنت تريد أن تقف في وجه اسرائيل لا يجب أن تكون لديك مشاريع اقتصادية في العالم». ووصف القرار الاوروبي بانه «قرار تافه لا يمكن ان يخضع المقاومة». وعن الداخل اللبناني خاطب نصرالله معارضي الحزب في الداخل بانه لا يمكن توظيف القرار لحسابات داخلية وقال «ما قبل القرار يشبه ما بعده». وشدد على أن لا حكومة من دون «حزب الله» مقترحاً تمثيل الحزب عبر الجناح العسكري».