بدأ الاقتصاد المغربي يتعافى تدريجاً من أزماته المتلاحقة، بعد تسجيل نمو بلغ 4.3 في المئة في الربع الثاني من العام الحالي، في مقابل 3.8 في المئة في الربع الأول. وكانت للقطاع الزراعي مساهمة فاعلة في هذا النمو، الذي حصد محاصيل قياسية مستفيداً من تراجع أسعار الطاقة في السوق الدولية، وعودة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي ومنطقة اليورو الشريك التجاري الأول للرباط. وأفادت بيانات «المندوبية السامية في التخطيط»، بأن توقعات النمو أظهرت «تحسناً في أداء الاقتصاد المغربي الذي نما بمعدل 5 في المئة بفضل الموسم الزراعي الذي حقق عشرة ملايين طن من الحبوب الرئيسة، وتحسن الأوضاع الاقتصادية الدولية بنحو 1.6 في المئة، ونمو التجارة الخارجية بنسبة 2.3 في المئة، وزيادة الصادرات المغربية 3.5 في المئة، في مقابل انخفاض الواردات بنسبة 1.5 في المئة. وأشار التقرير، إلى أن عجز الميزان التجاري المغربي «تراجع بنسبة 5.6 في المئة ليستقر على 53 بليون درهم، نحو 6.23 بليون دولار في النصف الأول من العام الحالي، بفضل تحسن الصادرات على رغم انخفاض أسعار مبيعات الفوسفات في السوق الدولية، نحو 9.5 في المئة». وحقق قطاع البناء والصناعات التحويلية والكيماوية والغذائية، تحسناً في الأداء تراوح بين 3.4 و 7.8 في المئة. ورأى التقرير، أن «هذا الانتعاش لم يكن كافياً لإخراج بعض الصناعات من التباطؤ المسجل منذ العام 2012». وأشارت البيانات، إلى «تحسّن في قطاع السياحة الذي نما بنسبة 4.6 في المئة في الربع الثاني من هذه السنة، مستفيداً من ارتفاع أعداد الوافدين وزيادة الإيرادات بنسبة 5.5 في المئة، وارتفاع عدد الليالي الفندقية 7.4، بفضل زيادة عدد السياح البريطانيين والألمان، الذين فضلوا الوجهة المغربية في خريطة «الربيع العربي» السياحية. وتمثل السياحة احد أهم مصادر العملة الصعبة، وهي تؤمّن 9 في المئة من الناتج الإجمالي ويستفيد منها نحو مليون أسرة. ونتيجة التحسن الاقتصادي، ارتفع استهلاك الأسر المغربية بنسبة 2.5 في المئة في مقابل 1.4 في المئة في الفترة ذاتها من العام الماضي. لكن رافق ذلك ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار المواد الغذائية التي سجلت زيادات ب 3.4 في المئة، ما يمكن أن يرفع متوسط التضخم السنوي إلى 2.3 في المئة. مشاورات مع الليبراليين إلى ذلك، بدأ رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران مشاورات لضم «حزب التجمع الوطني للأحرار»، إلى حكومته التي غادرها «حزب الاستقلال» الذي كان يملك ستة حقائب وزارية منها وزارة المال والاقتصاد. وُنقل القول عن رئيس «حزب الأحرار» ذي المرجعية الليبرالية صلاح الدين مزوار، (كان يشغل منصب وزير المال والاقتصاد في حكومة ما قبل «الربيع العربي»)، أنه طالب بمنح حزبه قطباً اقتصادياً في التشكيلة الحكومية الجديدة تشمل وزارات المال والاقتصاد والزراعة والسياحة والتجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة. واعتبرت مصادر مراقبة، أن من شأن دخول الليبراليين إلى الحكومة الإسلامية في المغرب «منح ثقة إضافية إلى قطاع المال والأعمال الذي تضرر من تداعيات «الربيع العربي»، بسبب وضع الاقتصاد في المرتبة الثانية من جانب حكومات منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهي الأسباب غير المباشرة وراء الانتقادات الحادة التي يتعرض لها ما تبقى من الحكومات الإسلامية في المنطقة.