توقع المصرف المركزي المغربي نمواً يتراوح بين 4.5 و5.5 في المئة نهاية العام الحالي، مستفيداً من تحسن المحصول الزراعي وإنتاج نحو 10 ملايين طن من الحبوب، وعودة الانتعاش إلى قطاعات السياحة وتحويلات المغتربين وارتفاع الاستثمارات الخارجية نحو 32 في المئة. وحذر في المقابل من الأثر السلبي للوضع السياسي على الأداء الاقتصادي في حال لم تعالج الحكومة خلافاتها الداخلية بين حزبي «الاستقلال» و «العدالة والتنمية». واعتبر في تقرير أصدره أمس بعد اجتماعه الفصلي أن «الوضع المالي والاقتصادي يبقى هشاً ومرتبطاً بمعطيات عدة منها الوضع السياسي الداخلي والأزمة في دول الاتحاد الأوروبي». وأشار محافظ المصرف عبد اللطيف الجواهري إلى أن «المنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني باتت تعتمد على عنصر الاستقرار السياسي، ولم تعد تكتفي ببحث المؤشرات الاقتصادية العامة مثل النمو والاحتياط النقدي ووضع ميزان المدفوعات وحجم الدين الخارجي». ويتخوف المصرف من سحب صندوق النقد دعمه الائتماني للمغرب المقدر ب6.2 بليون دولار في حال استمرار الخلاف السياسي، ما قد يرفع أسعار الفائدة على التمويلات الخارجية في حال عودة الرباط إلى سوق المال الدولية لمعالجة عجز الموازنة والميزان التجاري البالغين سبعة وثمانية في المئة على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي. وبلغ عجز الموازنة 18.6 بليون درهم (نحو 2.1 بليون دولار) في الربع الأول من السنة، بزيادة 3.5 بليون مقارنة بالعام الماضي، بينما تحتاج الحكومة إلى ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات لتقليص العجز إلى 5.5 في المئة من الناتج المحلي نهاية السنة. ولفت محللون إلى أن التحسن الاقتصادي يقابله صراع سياسي بين مكونات الحكومة يضر بالصورة الخارجية ويحد من تدفق الاستثمارات الخارجية التي بلغت 17.8 بليون درهم في الربع الأول من السنة، كما زاد الاحتياط النقدي إلى 153 بليون درهم تكفي أكثر من أربعة أشهر من الواردات، في حين انخفض عجز الميزان التجاري نحو سبعة في المئة إلى نحو 10 بلايين دولار، وزادت عائدات السياحة ثلاثة في المئة واستقرت التحويلات الخارجية على رغم الأزمة في منطقة اليورو التي يرتبط بها الاقتصاد المغربي. ولكن «المركزي» اعتبر أن الوضع ما زال هشاً، متوقعاً تراجع النشاط الاقتصادي غير الزراعي بمقدار النصف مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس ضعف استثمار القطاع الخاص واحتمال انخفاض الإيرادات الضريبة وفرص العمل الجديدة نتيجة ضعف الأداء الصناعي والإنتاجي والخدمي لأسباب سياسية أكثر منها اقتصادية. وكان بإمكان المغرب تحقيق نمو يبلغ نحو ستة في المئة هذه السنة، على اعتبار أن الزراعة التي تساهم ب18 في المئة من الناتج المحلي، حققت محصولاً كبيراً يقلص فاتورة الواردات الغذائية، ولكن الخلافات السياسية عقب الربيع العربي وضعت الاقتصاد في الدرجة الثانية، ما افقد الثقة لدى المتعاملين ودفع بعضهم إلى سحب مدخراتهم أو تهريبها إلى الخارج. ويساعد التضخم المعتدل في استقرار الأسعار في انتظار معالجة مشكلة نفقات «صندوق المقاصة» الذي يتولى تمويل دعم السلع الأساس بمقدار 53 بليون درهم، وهو أحد أسباب الخلاف السياسي إذ أن الحزب الحاكم يرغب في منح تلك المساعدات مباشرة إلى الفقراء ورفع الأسعار على بقية فئات المجتمع، ما اعتبره خصومه السياسيون إغراءً انتخابياً غير مقبول.