يراهن الاقتصاد المغربي على تحسن الإنتاج الزراعي وبعض القطاعات الصناعية لزيادة النمو، الذي يتوقع أن يبلغ 5.8 في المئة من الناتج في النصف الثاني من العام الحالي، في مقابل نمو ضعيف لم يتجاوز 2.7 في المئة العام الماضي بعد ارتفاع عجز الموازنة إلى سبعة في المئة وتفاقم عجز ميزان المدفوعات الخارجية وانخفاض الاحتياط النقدي. وأفاد تقرير ل «المندوبية السامية في التخطيط» أمس بأن فائض القيمة المتوقع في القطاع الزراعي سيزيد على 16 في المئة بفضل غزارة الأمطار خلال الشتاء والربيع، واتساع المساحات المزروعة وتحسن معظم المحاصيل من الحبوب والغلال المختلفة التي ستكون الأفضل منذ خمس سنوات، ما سيساهم في تحسن إيرادات المزارعين ويرفع النمو الاقتصادي، ويقلص حجم الواردات الغذائية. ونما قطاع الصيد البحري 31 في المئة. ومعروف ان ثلث السكان أي ما يعادل 11 مليون شخص، يعيش على الزراعة وصيد الأسماك، ويساهم القطاعان في نحو 17 في المئة من الناتج الإجمالي. وأظهر التقرير أن النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام الحالي بلغ 4.8 في المئة، وهو تقريباً ضعف معدل النمو المسجل في الفترة ذاتها من العام الماضي، مستفيداً من تحسن الإنتاج الزراعي والتطور الايجابي في النشاطات غير الزراعية خصوصاً الصناعات التحويلية التي نمت بما بين 2.6 و4.2 في المئة. كما تحسن الطلب الداخلي على الاستهلاك ولو بوتيرة ضعيفة بلغت 0.4 في المئة في الربع الأول من السنة. واستفاد الاقتصاد المغربي أيضاً من عودة الطلب على التجارة الخارجية، ما ساهم في تقليص عجز الميزان التجاري بنسبة 23 في المئة. وأظهر التقرير أن تراجع الواردات خصوصاً الوقود والمواد الغذائية بنسبة 18.5 في المئة، قلّص عجز حساب المبادلات الخارجية. ولاحظ التقرير، الذي أثار جدلاً في البرلمان، أن الاقتصاد لا يزال متأثراً بالأوضاع غير المساعدة في منطقة اليورو، الشريك التجاري الأساس للرباط، على رغم التحسن الطفيف المسجّل في النمو الاقتصادي العالمي وفي التجارة الدولية، التي نمت 1.3 في المئة. واعتبر أن تأكيد استمرار تحسن النمو بوتيرة أعلى في النصف الثاني، سيعزز فرص التعافي التدريجي للاقتصاد الإنتاجي، وتحسن الأداء في القطاعات الأساس، لكنه لا يعالج الصعوبات المالية في الحسابات الكلية، حيث ما زال العجز المالي للخزينة قريباً من سبعة في المئة، بعد انخفاض إيرادات الخزينة 3.6 في المئة وزيادة نفقات الحكومة 19 في المئة في الربع الأول. وقدّر التقرير عجز الخزينة في الربع الأول من العام الحالي ب23 بليون درهم (2.7 بليون دولار)، وأظهر ارتفاع المديونية بنسبة ستة في المئة خلال الفترة ذاتها، وأشار إلى أن لجوء المغرب إلى سوق المال الدولية نهاية العام الماضي لاقتراض 1.5 بليون دولار لم يكن له سوى أثر محدود على معالجة مشكلة السيولة النقدية لدى المصارف التجارية، بعد أن انخفضت الكتلة النقدية 1.9 في المئة وزادت أسعار الفائدة المدينة تحت طلب تمويل عجز الخزينة، ما قلص القروض المصرفية الموجهة للأفراد والشركات. وانتقدت المعارضة في البرلمان قرار الحكومة شطب 15 بليون درهم من نفقات الاستثمار العام، واعتبرته قراراً خاطئاً ستكون له انعكاسات اجتماعية واقتصادية على العمّال وعلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تحصل على عقودها من القطاع العام. وعبّر اتحاد رجال الأعمال في الدارالبيضاء عن أسفه لقرار الحكومة خفض النفقات في وقت يحتاج البلد إلى مزيد من الاستثمارات لمواجهة البطالة وتحديات التنمية والنمو الاقتصادي.