أكدت الحكومة اليابانية أمس أن الاقتصاد الياباني يتجه نحو الانتعاش، بعد يومين من فوز رئيس الوزراء شينزو آبي في انتخابات مجلس الشيوخ واعداً بتكثيف سياسة تحريك الاقتصاد التي ينتهجها. وأعلنت الحكومة في تقريرها الشهري حول الاقتصاد الصيني «أن الاقتصاد يبدي مؤشرات تفيد بأنه يتجه نحو الانتعاش» في أول استخدام لهذه الكلمة منذ عشرة أشهر. وكان «بنك اليابان» رأى في ختام اجتماع للجنة السياسة النقدية في المصرف المركزي في 11 الجاري، أن الاقتصاد في طريقه للتعافي وذلك للمرة الأولى منذ سنتين ونصف سنة. وازداد إجمالي الناتج الداخلي لثالث قوة اقتصادية في العالم خلال الفصل الأول من السنة بنسبة 1 في المئة مقارنة بالفصل الرابع من عام 2012. ووعد آبي أول من أمس ب «تكثيف» سياسة الإنعاش التي تطلق عليها وسائل الإعلام اسم «أبينوميكس»، وذلك غداة فوز حزبه الليبرالي الديموقراطي في انتخابات مجلس الشيوخ. وحصل الحزب المحافظ الذي يرئسه آبي وحليفه حزب كوميتو الجديد (وسط)، بالأكثرية المطلقة في مجلس الشيوخ، مستفيداً إلى حد بعيد من شعبية رئيس الوزراء وبرنامجه الاقتصادي. ومرر آبي منذ عودته الى السلطة في كانون الأول (ديسمبر)، موازنات إضافية لتمويل مشاريع كبرى ودفع «بنك اليابان» إلى تليين سياسته النقدية بشدة للخروج من انهيار مزمن للأسعار. وأوضحت الحكومة في تقريرها الصادر أمس، أن «التطورات الأخيرة تشير إلى أن انهيار الأسعار يتراجع»، علماً أن أحد الأهداف الكبرى لسياسة آبي يقضي بوضع حد ل15 سنة من انهيار الأسعار، في ظاهرة تثني الشركات عن الاستثمار وتدفع المستهلكين إلى تأجيل مشترياتهم. ووفق آخر الأرقام المتوافرة، فإن أسعار السلع الاستهلاكية خارج المنتجات القابلة للتلف، استقرت في أيار (مايو) مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، فيما عوض ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز تراجع أسعار المواد الغذائية وكثير من الأدوات الكهربائية. وفي مطلق الأحوال، فإن «السهم»، او المحور الثالث في سياسة آبي، يقضي بتنشيط الطاقة الإنمائية للبلاد من خلال إصلاحات تتراوح بين إعادة هيكلة قطاع زراعي متقادم، ورفع مجموعة كاملة من الإجراءات والضوابط المرعية، مروراً بإبرام اتفاقات تبادل حر. وانضمت اليابان رسمياً الثلثاء إلى المفاوضات الطموحة الجارية حول اتفاق شراكة اقتصادية عبر المحيط الهادئ، تشارك فيها استراليا وبروناي وكندا وتشيلي والولاياتالمتحدة، وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام. كما تتفاوض اليابان مع الاتحاد الأوروبي والثنائي الصين - كوريا الجنوبية على اتفاقين آخرين للتبادل الحر. ويعطي الانضمام ثقلاً لاتفاق يغطي نحو 40 في المئة من الاقتصاد العالمي وإن كان يثير في الوقت ذاته مزيداً من الشكوك في إمكان تناول المفاوضين قطاعات حساسة مثل المنتجات الزراعية والشركات المرتبطة بالدولة. ويعتبر انضمام طوكيو لتصبح الدولة الثانية عشرة في مفاوضات الشراكة عبر الأطلسي، جانباً مهماً في خطة رئيس الوزراء شينزو آبي لإنعاش اقتصاد اليابان والعودة لتحقيق نمو بعد كساد استمر سنوات. كما أن هذه الشراكة هدف رئيس لإدارة الرئيس أوباما لإزالة الحواجز في قطاعات مثل المشتريات الحكومية ووضع معايير لحقوق العمال وحماية البيئة وحقوق الملكية الفكرية. لكنها تلقى مقاومة عنيفة في دول من بينها فيتنام وماليزيا حيث الشركات المرتبطة بالدولة وممارسات المنح الانتقائي للعقود الحكومية، أمور راسخة ذات حساسية سياسية. ويزيد انضمام اليابان المحادثات تعقيداً. ماليزيا وفيتنام وقال كبير الاقتصاديين في «البنك الآسيوي للتنمية» جايانت مينون: «سيتوصلون لاتفاق ما، لكن تحقيقه العمق المنتظر أمر مختلف (...) لن تقبل ماليزيا وفيتنام أبداً بالشروط التي يرغبون في وضعها للشركات المملوكة للدولة». وتنضم اليابان للمحادثات في مدينة كوتا كينابالو قبل زيارة آبي لكل من ماليزيا وسنغافورة والفيليبين هذا الأسبوع. وبهذا تلقي بقطاع الزراعة الذي يحظى بحماية كبيرة على طاولة المفاوضات. وتشير مصادر يابانية قريبة من المحادثات، إلى أن الحكومة لم تطلع بعد على نصوص الشراكة عبر الأطلسي، وأنها ستشارك في الجولة في ماليزيا لتقويم اتجاه المحادثات في قطاعات مثل الرسوم الزراعية. وترى أن «ما من شك في أن اليابان ستضطر لخفض الرسوم على الأقل»، إذ إنها قد توافق أيضاً على إلغاء الرسوم خلال فترة زمنية طويلة وتسعى إلى الحصول على إعفاءات. وتؤكد المصادر أن الحكومة «ستدرس إجراءات ما لدعم قطاع الزراعة». وتلاشت الآمال في التوصل لاتفاق بحلول تشرين الأول (أكتوبر) حين يشارك أوباما في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي في اندونيسيا. وترى مصادر حكومية أن نهاية العام الحالي أو خلال عام 2014، موعد أكثر واقعية الآن. وتأتي المفاوضات في إطار خطة الولاياتالمتحدة للتحول الإستراتيجي خلال رئاسة اوباما، وتقضي بتوجيه موارد اقتصادية وعسكرية أكبر لآسيا سعياً إلى تحقيق توازن في مواجهة بزوغ نجم الصين. وأعلنت الصين أنها تدرس الانضمام إلى المفاوضات.