اعتبرت الحكومة اليابانية امس ان الاقتصاد الياباني يتجه نحو «الانتعاش» بعد يومين من فوز رئيس الوزراء شينزو ابيه في انتخابات مجلس الشيوخ واعدا بتكثيف سياسة تحريك الاقتصاد التي ينتهجها. واعلنت الحكومة في تقريرها الشهري «ان الاقتصاد يبدي مؤشرات تفيد بأنه يتجه نحو الانتعاش» في اول استخدام لهذه الكلمة منذ عشرة اشهر. وكان بنك اليابان رأى في ختام اجتماع للجنة السياسة النقدية في المصرف المركزي في 11 يوليو ان الاقتصاد في طريقه للتعافي وذلك لأول مرة منذ سنتين ونصف. وازداد اجمالي الناتج الداخلي لثالث قوة اقتصادية في العالم خلال الفصل الاول من السنة بنسبة 1 بالمائة بالمقارنة مع الفصل الرابع من العام 2012. وتعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ب «تكثيف» سياسة الانعاش التي تطلق عليها وسائل الاعلام اسم «ابينوميكس»، وذلك غداة فوز حزبه الليبرالي الديموقراطي في انتخابات مجلس الشيوخ. وقال إن حكومته ستواصل سياساتها الاقتصادية الطموحة بعد الفوز الكبير الذي حققته في انتخابات مجلس الشيوخ. واضاف آبي للصحفيين إن السياسات الاقتصادية «حققت إنجازات بالتأكيد»، مشيرا إلى أن الشعب في أنحاء البلاد سيشعر بتحسن في الاقتصاد الحقيقي. وحقق الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم بقيادة آبي فوزا ساحقا في انتخابات مجلس الشيوخ، ليستعيد بذلك السيطرة على المجلس - حسبما كشفت نتائج نهائية. وحصل الحزب الليبرالي الديموقراطي (محافظ) الذي يرئسه ابيه وحليفه حزب كوميتو الجديد (وسط) بالاغلبية المطلقة في مجلس الشيوخ، مستفيدا الى حد بعيد من شعبية رئيس الوزراء وبرنامجه الاقتصادي. ومرر ابي منذ عودته الى السلطة في ديسمبر ميزانيات اضافية لتمويل مشاريع كبرى ودفع بنك اليابان على تليين سياسته النقدية بشكل كبير بعيد للخروج من انهيار مزمن للاسعار. واوضحت الحكومة في تقريرها الصادر امس ان «تطورات الاسعار الاخيرة تشير الى ان انهيار الاسعار يتراجع» علما ان احد الاهداف الكبرى لسياسة ابي يقضي بوضع حد ل 15 عاما من انهيار الاسعار، في ظاهرة تثني الشركات عن الاستثمار وتدفع المستهلكين الى تاجيل مشترياتهم. وبحسب اخر الارقام المتوافرة فان اسعار السلع الاستهلاكية خارج المنتجات القابلة للتلف راوحت في مايو بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي (+0,0%) فيما عوض ارتفاع اسعار الكهرباء والغاز عن تراجع اسعار المواد الغذائية والعديد من الادوات الكهربائية. وفي مطلق الاحوال فان «السهم» او المحور الثالث في سياسة ابي يقضي بتحفيز الطاقة الانمائية للبلاد من خلال اصلاحات تتراوح بين اعادة هيكلة قطاع زراعي متقادم ورفع مجموعة كاملة من الاجراءات والضوابط المرعية مرورا بابرام اتفاقات تبادل حر. ومن جهة أخرى انضمت اليابان رسميا امس الى المفاوضات الطموحة الجارية حول اتفاق شراكة اقتصادية عبر المحيط الهادئ التي تشارك فيها استراليا وبروناي وكندا وتشيلي والولاياتالمتحدة وماليزيا والمكسيك ونيوزيلاندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام، لتعطي ثقلا لاتفاق يغطي نحو 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي وإن كانت تثير في الوقت نفسه مزيدا من الشكوك بشأن امكانية تناول المفاوضين قطاعات حساسة مثل المنتجات الزراعية والشركات المرتبطة بالدولة، كما تتفاوض اليابان حاليا مع الاتحاد الاوروبي ومع الثنائي الصين-كوريا الجنوبية على اتفاقين اخرين للتبادل الحر. والشراكة عبر الاطلسي من الاهداف الرئيسية لادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لازالة الحواجز في قطاعات مثل المشتريات الحكومية ووضع معايير لحقوق العمال وحماية البيئة وحقوق الملكية الفكرية. لكنها تلقى مقاومة عنيفة في عدة دول من بينها فيتنام وماليزيا حيث الشركات المرتبطة بالدولة وممارسات المنح الانتقائي للعقود الحكومية من الأمور الراسخة ذات الحساسية السياسية. ويزيد انضمام اليابان المحادثات تعقيدا أيضا. وقال جايانت مينون كبير الاقتصاديين في البنك الاسيوي للتنمية «سيتوصلون لاتفاق ما لكن تحقيقه العمق المأمول امر مختلف. و»لن تقبل ماليزيا وفيتنام ابدا بالشروط التي يرغبون في وضعها للشركات المملوكة للدولة». وتنضم اليابان للمحادثات في مدينة كوتا كينابالو قبل زيارة ابي لكل من ماليزيا وسنغافورة والفلبين الاسبوع الجاري وبهذا تلقي بقطاع الزراعة الذي يحظى بحماية كبيرة على طاولة المفاوضات. وتقول مصادر يابانية قريبة من المحادثات ان الحكومة لم تطلع بعد على نصوص الشراكة عبر الاطلسي وانها ستشارك في الجولة في ماليزيا لتقييم اتجاه المحادثات في قطاعات مثل الرسوم الزراعية. وتابع المصدر «ما من شك بان اليابان ستضطر لخفض الرسوم على الأقل» مضيفا انها قد توافق ايضا على الغاء الرسوم خلال فترة زمنية طويلة وتسعى للحصول على اعفاءات. «بالطبع ستدرس الحكومة اجراءات ما لدعم قطاع الزراعة.» وتلاشت الآمال في التوصل لاتفاق بحلول اكتوبر حين يشارك أوباما في قمة التعاون الاقتصادي لآسياوالمحيط الهادي في اندونيسيا. وتقول مصادر حكومية ان نهاية العام الجاري او خلال عام 2014 اكثر واقعية الآن. وتأتي المفاوضات في اطار خطة الولاياتالمتحدة للتحول الاستراتيجى خلال رئاسة اوباما وتقضي بتوجيه موارد اقتصادية وعسكرية اكبر لاسيا سعيا لتحقيق توازن في مواجهة بزوغ نجم الصين. واعلنت الصين انها تدرس الانضمام للمفاوضات وتشمل حاليا استراليا ونيوزيلندا والمكسيك وكندا وبيرو وماليزيا وفيتنام وسنغافورة وبروناي.