أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، ان «أمام لبنان تحديات وملفات كبيرة، أبرزها ما نحن اليوم في صدده في برلين وهو موضوع النازحين السوريين والعبء الكبير الذي يتحمله لبنان، وحان الوقت للنظر في طرق ملموسة لترجمة مواقف الدعم له». وكان سلام وصل الى مقر وزارة الخارجية الألمانية يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس والوفد المرافق، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الألماني فرانك شتانماير الذي قال: «للأسف، الحرب الأهلية في سورية لم تنته والناس ما زالوا يلوذون بالفرار من هذا البلد. المؤتمر اليوم هو للتضامن، وأعلان للتضامن مع اللاجئين الذين عليهم التضامن مع البلدان المستقبلة لهم خصوصاً مع لبنان. ونريد ان نؤكد اليوم انه بوجود هؤلاء الممثلين واكثر من 35 دولة، قلقنا على استقرار لبنان، وعلينا ان نهتم بالدولة بحد ذاتها وايضاً بالمجتمعات المستقبلة للاجئين». وقال سلام، بدوره: «وجودي اليوم في برلين هو لمواجهة مسؤوليات كبيرة نتحملها في لبنان، بالأمس كانت عندنا مواجهة كبيرة مع الإرهاب والإرهابيين، تمكنا فيها من حسم الموقف بأن وضعنا حداً للتطاول على السلطة وتحدي هيبة الدولة وكان معنا في ذلك قوانا الأمنية من جيش واجهزة أمن الى جانب مواطنين لبنانيين موحدين في مواجهة هذه الواقعة. الحمد لله تكلل الأمر بالنجاح ونستمر في هذا الإتجاه لبسط سلطة الدولة وضمان الوحدة الوطنية». وتابع: «الهم كبير والمسؤولية اكبر والتحدي لا يتوقف، علينا جميعاً ان ندرك ان موضوع النازحين ليس عابراً بل هو يستفحل ويزداد في ظل الأجواء الملبدة والمتشنجة وغير المريحة في سورية وفي المنطقة. من هنا علينا ان نتكامل ونستعين ونتعاون مع كل اخواننا في العالم، للتأكيد على دعم لبنان في هذا الإستحقاق. بداية كان الدعم موجهاً للنازحين ولكن بعد فترة تبين ان الدعم ايضاً يجب ان يتوجه ايضاً الى البيئة الحاضنة والدولة الحاضنة وجميع اللبنانيين. على الدول ان تعي ما نحن بحاجة اليه من دعم مادي ومالي كبير لمواجهة هذا التحدي». وقال سلام: «نحن مستمرون في لبنان في تحمل مسؤولياتنا واحتضان اخواننا السوريين، وتمكنا ان نسطر ونعتمد معاملة عملية مع النزوح تجاوزت كل ما هو من نصوص وشرائع وقواعد عمل مكتوبة في اروقة الأممالمتحدة والدول الكبرى. وقدمنا عملياً وبلا حدود كل ما يحتاج له هذا الواقع وما زلنا». وألقى سلام بعد ذلك كلمة امام مجموعة الدعم الدولية للبنان التي اجتمعت في وزارة الخارجية في حضور ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، وأمل فيها ب«ان يكون الوقت قد حان للنظر في الطرق الملموسة لترجمة مواقف الدعم الى اجراءات فاعلة». وقال: «إن لبنان، الذي يستضيف اعداداً من النازحين السوريين تفوق ثلث عدد سكانه، يشهد يوماً بعد يوم تدهوراً خطيراً، وحكومتنا غير قادرة على مواجهة هذه التحديات». وأضاف: «إننا نقدر بثلاثة بلايين دولار قيمة المساعدة المطلوبة للمجتمعات الاكثر حرماناً، ولمعالجة التهديدات التي يتعرض لها اللبنانيون المضيفون واللاجئون على حد سواء. إن من الضروري أن يخصص ثلث هذا المبلغ على الاقل الى لبنان، عبر منح تقدم على مدى العامين المقبلين. أما الباقي فيمكن تأمينه في شكل قرض خاص طويل الأمد تكفله مجموعة من الدول». ورأى «إن الضغط الذي يمثله الحجم الكبير للوجود السوري في بلد صغير مثل لبنان، دفع معظم الاطراف المعنيّة تدريجاً الى الاقتناع بأنه لا يمكن الشروع في حل لهذه المشكلة من دون اعادة توطين عدد كبير من السوريين الموجودين في لبنان، في دول أخرى أو في مناطق آمنة داخل سورية نفسها». ورأى انه «آن الأوان لمنع تجار السلاح عن امداد المتصارعين بأدوات الموت. وآن الأوان لكي نتصدى بقوة لأولئك العاملين على إشعال حروب جانبية، تجعل إنجاز أي حلّ أكثر تعقيداً وصعوبة. وللكف عن التضحية بالشعوب وزجّها في أفخاخ الألاعيب الأقليمية». وقال: «أطلب منكم أن تدعوا السوريين يعيشون، وأن تدعوا العراقيين والاكراد والاردنيين يعيشون. وسأستعير ما قاله أحد أبناء بلدي البارزين غسان تويني أمام مجلس الأمن الدولي في 17 آذار(مارس) 1978، لأقول لكم كما قال «دعوا شعبي يعيش». وفي كلمته في مؤتمر برلين حول اللاجئين السوريين قال: «ما زالت الأحداث المأسوية في سورية مستمرة، وهي تنعكس يومياً على حياة اللبنانيين الذين يستضيفون هؤلاء النازحين». واشار سلام الى انه «على رغم خلافاتنا السياسية وعدم تمكننا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإن الشعب اللبناني والحكومة الائتلافية اللبنانية لم يترددا في فتح الأبواب واسعة أمام الهاربين من نيران المعارك. وكدليل آخر على سياسة الانفتاح التي اتبعناها، يقيم خمسة وثمانون في المئة من النازحين في مساكن عادية داخل مدننا وقرانا على رغم وجود مخيمات موقتة منتشرة على كامل الاراضي اللبنانية». وقال: «إذا كنا نعترف بأن غالبية السوريين في لبنان هم ضحايا فعليون للأحداث في بلدهم، فإننا نعرف أيضاً أن قلة منهم مرتبطة بأطراف مختلفة في النزاع السوري وتمثّل خطراً جدّياً تبدّى في المعركة التي خاضها الجيش اللبناني مع تنظيمي «داعش» و»النصرة» الارهابيين في بلدة عرسال. لقد خسر لبنان شهداء عديدين في هذه المعركة، وما زال أربعة وعشرون من أبنائه رهائن في أيدي الارهابيين، يستخدمونهم بطريقة مقيتة لابتزاز عائلاتهم وحكومتنا. ونتيجة لذلك، وبهدف حفظ الأمن والحؤول دون اشتعال القتال، اضطر الجيش للانتشار في مناطق معادية وخطرة، وللقيام بكل ما يلزم لحفظ أمنه وأمن المدنيين في هذه المناطق»، مؤكداً إن «قراراتنا مهما كانت فاعلة، لن تكون أفعل من التوصل الى وقف دائم للقتال في سورية». وأوضح سلام أن «وزيرة التنمية والتعاون الخارجي السويدية أعلنت عن مساهمة بقيمة ثمانية ملايين يورو للصندوق الائتماني الذي كان شكله البنك الدولي.