هناك تحول واضح في حديث المسؤولين الأميركيين عن الحملة على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) فعقدة الأنبار والوتيرة البطيئة لبغداد في استيعاب وتسليح العشائر، الى جانب تشرذم المعارضة السورية العسكرية، والتشنج في العلاقة التركية - الأميركية، قوض الاستراتيجية العسكرية وجعل واشنطن أكثر حذراً. وتقدم «داعش» في الأنبار، ولو أنه لا يشكل في رأي القيادة العسكرية، تهديداً لبغداد، يؤرق المسؤولين الأميركيين ويزيد الضغط على حكومة حيدر العبادي كي يتحرك باتجاه المصالحة مع العشائر. ويختلف الأميركيون والعراقيون على أولوية التحرك العسكري، فواشنطن مع تحري الأنبار قبل الموصل، على ما قال مسؤول أميركي ل»الحياة»، لكن بغداد تفضل استعادة الموصل أولاً لرمزيتها. الا أن الجانب الأميركي يرى أن موقع المدينة وتحصن «داعش» ونفوذه فيها، الى جانب عدم وجود قوة برية كبيرة اليوم لشن أي هجوم، يعقد فرص استعادتها في المدى المنظور ويجب أن يأتي التحرك بعد تدريب قوة عراقية خاصة. من هنا ركزت زيارة المبعوث الأميركي جون آلن الى العراق على زيارة العشائر، فهو على علاقة قوية بزعمائها، منذ عام 2006 عندما ساعد ديفيد بترايوس في تأسيس الصحوات. وانعكست هذه العلاقة في الترحيب بألن بعبارة «الله أكبر»، وفي المطالبة بتشكيل «حرس وطني». وتريد واشنطن استعجال بغداد في هذه الخطة وترى أن المماطلة فيها تزيد معارضة أطراف شيعية لها، وتساعد «داعش». وتأمل الادارة أيضاً بخطوات من دول عربية لمساعدة العبادي، مثل فتح سفارات أو استقباله، ولا تتخوف من معارضة إيران التي تدرك، على ما قال أحد المسؤولين خطر المرحلة. في سورية، تبدو الأمور أكثر تعقيداً. فالخلاف التركي - الأميركي وصل إلى أوجه في معركة عين عرب، على ما قال المسؤول السابق في معهد كارنيغي هنري بركي ل «الحياة». وأشار بركي الى أن قرار الرئيس باراك أوباما تزويد الأكراد أسلحة، على رغم معارضة أنقرة «أمر غير مسبوق» في العلاقة التركية - الأميركية. وأبلغ أوباما نظيره التركي مباشرة القرار مع علمه أنه يعارضه بشدة. وقال بركي أن الرئيس رجب طيب أردوغان أساء تقدير أوباما، وأن العلاقة بين الرجلين «في أسوأ مراحلها»، فقد ذهب الزعيم التركي بعيداً بعدم انضمامه إلى التحالف الدولي وبعلاقته المشبوهة مع المجموعات المتطرفة مثل «داعش» و «النصرة». وكان المسؤول في وزارة الخزانة ديفيد كوهن اتهم جهات في تركيا بشراء نفط «داعش» في السوق السوداء، وطلب جون ألن من الحكومة التركية التصدي له. وفي موازاة العقدة التركية، يستمر الحذر الأميركي في استراتيجية تسليح المعارضة السورية التي تسير ببطئ كبير لانتقاء عناصرها وفحص قدراتهم وتحديد أهداف البرنامج. فمن ناحية هناك التزام أعطته واشنطن لحلفائها الاقليميين بأن هدف التدريب والتجهيز ليس دحر «داعش» فحسب، بل أيضاً قلب موازين القوى ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وتقول مصادر موثوقة إن هذا الالتزام كان «خطياً» وقدمه وزير الخارجية جون كيري إلى السعودية لضمان مشاركتها في الحملة. وينذر بطء المسار في مستوى الأنبار وتجهيز المعارضة السورية بحروب طويلة، تبدأ بضرب «داعش» وإعادة صياغة الهيكليات السياسية لضمان التعاطي مع جذور الأزمة التي بدأت قبل التنظيم الإرهابي خلال الحرب على العراق عام 2003 وخلال الاحتجاجات في سورية عام 2011.