بعد فوز الرئيس باراك أوباما برئاسة الولاياتالمتحدة انهالت الكتابات عن هذا الفارس الأسمر، وكان واضحاً أن الكل يريد أن يدلي بدلوه في أمر ترشحه، ومن ثم فوزه برئاسة أقوى دولة في العالم، كان الأطرف هو ما كتبه احدهم، وقد عرف عنه الخوض بكل فن من أن أميركا أصبحت وبحكم الديموقراطية تحكم من قبل مهاجر أسود، لا بل ومسلم! ولم يجار هذا الكاتب إلا الآخر الذي أكد أن أوباما الذي هاجر حديثاً إلى الولاياتالمتحدة أصبح رجلها الأول، نعم هكذا قال «الذي هاجر حديثاً»، كان أمراً مذهلاً عدم تورع البعض من الكتّاب في الخوض بما لا يفقهون، وربما كان السبب أن الموجة السائدة حالياً هي أن يُظهر الكاتب - حتى ولو كان واعظاً محلياً - مقدرته على متابعة الأحداث العالمية وما يكتب عنها في الإعلام الغربي، ونظرة سريعة تبين أن معظم هؤلاء الكتاب يستنسخون ما يقوله أحدهم ببلاهة منقطعة النظير وسماجة فكرية لا مثيل لها، ولعلكم تذكرون أن أحد الكتّاب كتب مقالاً بعنوان «رئيس أسود في البيت الأبيض» بعد فوز أوباما، وما هي إلا بضعة أيام حتى أحصيت ما لا يقل عن عشرين مقالاً لتلك الشريحة من الكتّاب بالعنوان والأفكار نفسها دون أن يكون هناك حد أدنى من الحياء. يا ساده يا كرام يا من كتبتم عن المهاجر الكيني أوباما! ونصحتموه، اعلموا أن السيد الرئيس أوباما أميركي حتى النخاع، وقد عاش الحلم الأميركي واقعاً ملموساً، وكل علاقته بما هو خارج أميركا لا يعدو أن يكون والده الكيني، الذي تزوج أمه البيضاء زواجاً عابراً لسنوات محدودة أثناء دراسته في ستينيات القرن الماضي وتركها وكان أوباما طفلاً، إضافة إلى بضع سنوات قضاها مع أمه وزوجها الاندونيسي في جاكرتا، كأي أميركي يعيش خارج وطنه للعمل الديبلوماسي، أو أي سبب آخر، وما عدا ذلك فهو محض ادعاء، عاش أوباما معظم حياته كأميركي أبيض في أسرة بيضاء «والدته وجده وجدته لوالدته»، ودرس في مدارسها، وتخرج في أرقى جامعاتها، وكانت النقلة الكبرى في حياته عندما انتقل إلى شيكاغو بولاية الينويز، فاقتنصته ما تعرف باسم عصابة شيكاغو «تسمى عصابة مجازاً» بقيادة ديفيد اكسوورد، وهي مجموعة من أقوى اللوبيات اليهودية، وتبنته وأحسنت استغلال مواهبه اللامحدودة وذكائه المتقد الذي يصل حد العبقرية، وأسهمت في إيصاله إلى مجلس الشيوخ بولاية الينويز، ومن ثم الى مجلس الشيوخ الفيديرالي، ولم يتوقف قطاره إلا على سدة البيت الابيض، ولعلكم لاحظتم رد الجميل الذي قام به أوباما عندما اختار، في اليوم التالي لانتخابه رئيساً، السيد رام أمانويل رئيساً لموظفي البيت الأبيض، وهو - أي امانويل - احد أبرز أعضاء عصابة شيكاغو، والصهيوني المتعصب الذي تطوع بالحرب مع الجيش الإسرائيلي في حرب الخليج الثانية، إبان أزمة الكويت، وابن الطبيب الصهيوني الذي شارك في مجازر دير ياسين، عندما كان عضواً في عصابة «ارقون» مع شامير ورابين وبيريز، وبالمناسبة فإن منصب رئيس موظفي البيت الأبيض هو من أقوى المناصب بعد الرئيس، ويعادل منصب السكرتير الخاص او المستشار الخاص، إذ إن الرئيس نادراً ما يقابل ضيفاً أو ينظر في موضوع إلا بعد استشارته! وقبل ذلك كان السيد الرئيس أوباما قد اختار السيناتور عن ولاية دالاوير جوزيف بايدن نائباً له، وبايدن - المشهور بانتهازيته - مسيحي كاثوليكي من أصول ايرلندية، ولكنه وباعتراف الإسرائيليين أنفسهم أحد أهم وأنشط وأبرز أنصار إسرائيل في الولاياتالمتحدة. اذاً - اعلموا معشر الكتّاب - فالسيد الرئيس أوباما ليس مهاجراً وليس مسلماً، وإنما ابن المؤسسة الأميركية الرسمية، مثله مثل كلينتون وبوش ونيكسون وكنيدي، وقد يكون اشد وأنكى... وللحديث بقية.