نورا حمزاوي (28 سنة) فنانة فرنسية سورية الجذور مقيمة في باريس، حيث تعلمت الحقوق لمدة ثلاثة أسابيع فقط ومن بعدها العلاقات العامة في شكل أكثر جدية، قبل أن تلتحق بمحطة إذاعية مرموقة هي «فرانس أنتر»، مشاركة في أحد برامجها الفكاهية تحت عنوان «كلنا سننتهي بهذه الطريقة»، ومنتقلة منها إلى القناة التلفزيونية الثانية في إطار فقرة مرحة وساخرة ضمن البرنامج اليومي الذي يقدمه النجم لوران روكييه باسم «نحن لا نطلب سوى أن نضحك من ذلك». وبعد الرواج الذي حققته حمزاوي طوال ثلاث سنوات من 2006 إلى 2009 في نشاطَيها الإذاعي والتلفزيوني، قررت خوض تجربة المسرح الفردي فراحت تكتب لنفسها نصاً فكاهياً مقدمة إياه فوق خشبة أحد المسارح الباريسية الصغيرة، فلحق بها جمهور مستمعيها ومشاهديها ليراها فوق المسرح ما أثمر نجاح العرض ودفع بالفنانة الشابة إلى إقامة جولة فرنسية ريفية وأيضاً دولية في ما بعد بمسرحيتها الفردية. وتلى الحدث عرض ثانٍ أطلقت عليه نورا حمزاوي اسم «عرض بلا جدوى»، وثم عرض ثالث، وحديثاً جداً مسرحية جديدة تتبع الأسلوب نفسه وتحت شعار بسيط لا يزيد عن كونه اسم الممثلة لا أكثر ولا أقل أي «نورا حمزاوي». وفي كل مرة كان تكبر القاعة التي استقبلت حمزاوي بفضل الإقبال الجماهيري على عروضها، حتى وصل الأمر في هذه المرة إلى قيام مسرح «جيمناز» الكبير والمعروف بفتح أبوابه، خصوصاً خشبته لنورا حمزاوي ومسرحيتها الساخرة. وإن كانت حمزاوي قد اعتادت في عروضها السابقة سرد حكايات تخص المرأة الشابة في المواقف المختلفة من حياتها اليومية، ها هي في استعراضها الحالي الذي كتبته بنفسها، قد غيرت خط سيرها واعتمدت ممارسة نشاط المحللة النفسانية تجاه جمهورها، بخاصة الشاب منه ومن الجنسين، إلا أنها محللة لا تعرف الرحمة وتضغط على الجروح أكثر من أي شيء آخر. هكذا، يتضمن العرض مجموعة كبيرة من المواقف التي تصف بكثير من التفاصيل الدقيقة تصرفات الرجال والنساء في مرحلتَي العشرين والثلاثين من العمر. ومن الواضح أن حمزاوي رغبت في تسليط الضوء على عيوب الشخصيات أكثر من مزاياها وهي تختار بين الحضور بعض النماذج الملائمة شكلاً ومن حيث السنّ لما تريد وصفه، فتخاطب هؤلاء مباشرة وتسألهم هل عاشوا هذا الموقف أو ذاك من قبل وهل تصرفوا حينذاك بطريقة محددة تذكرها هي في نصها. ولا شك في أن الجمهور يتعرف عبر هذه النماذج إلى نفسه أو إلى أشخاص من محيطه فيضحك بشدة، الأمر الذي يضع أصحاب الشأن الذين تشير إليهم الممثلة في موقف حرج إلى حد ما ولكنهم يضحكون بدورهم في النهاية بخاصة عندما تطلب حمزاوي من الحضور أن يصفق لهم بحرارة. وإن كانت عيوب النساء والرجال موضع سخرية حمزاوي في عرضها، فإنه لا يمكن تجاهل كونها تركز أكثر على العيوب الرجالية مسببة حفاوة المتفرجات في الصالة، خصوصاً أن نسبة كبيرة جداً من جمهور نورا حمزاوي يتشكل من نساء شابات، الأمر الذي لا يمنع الحضور الرجالي من الضحك والتصفيق وإطلاق عبارات التشجيع في اختتام العرض. ولا تكتفي حمزاوي بالمسرح، فهي تظهر في أفلام سينمائية أحدثها «فتاة الرابع عشر من تموز (يوليو)» للمخرج أنتونان بيريتجاتكو والمقدم في إطار مهرجان «كان» السينمائي الأخير في مسابقة «أسبوعا المخرجين».