قبل أيام عرضت إحدى قنوات الدراما الفيلم المصري الشهير «الزوجة الثانية»، وهو أحد «أفلام الذاكرة» بالنسبة الى عدد كبير من المشاهدين العرب. الفيلم الذي نكاد نحفظه عن ظهر قلب تظلُ لمشاهدته كلَ مرة متعتها، ولعلّي هذه المرَة بالذات كنت خلال المشاهدة أحدّق في الأداء الإستثنائي لمجموعة من كبار الممثلين في السينما المصرية: شكري سرحان، سعاد حسني، سناء جميل وأيضاً صلاح منصور، فيما لم تغب لحظة الجماليات التعبيرية لمخرج الواقعية المصرية صلاح أبو سيف. ولأن الفيلم من «أفلام الذاكرة» فقد منحتني الشاشة الصغيرة فرصة المقارنة بين أمس واليوم: لست مع الباكين على الماضي باعتباره الجمال والإبداع الخالصين، فيما الراهن عكس ذلك، فتلك مقولة لا تستقيم مع حقيقة أن الإبداع دائم ومستمر. مع ذلك تجوز بالتأكيد الإشارة بلا تردد إلى «جديَة» ما، كانت تلازم فن تلك الأيام، لعلها وليدة تلك المسحة من «الهواية» وما يرافقها عادة من حماسة، حتى مع مخرج كبير وصاحب تجربة مميزة مثل الراحل صلاح أبو سيف الذي لم ينس يوماً أنه «يعشق» السينما كفن وكفضاء تعبيري عن روحه. هي إحدى مفردات التلفزيون الأهم والتي لا تزالُ ملاذنا لمشاهدة الأفلام السينمائية القديمة والمهمة منها بالذات. والتلفزيون بهذه الشراكة مع السينما يعيد حضور تلك الأفلام في حياتنا، بل ويعيد تجديد دوره في تلك الشراكة الجميلة. هنا يمكن تذكر أفلام مثل «شيء من الخوف» لحسين كمال، و «الأرض» ليوسف شاهين وغيرهما من الأعمال التي لا تزال «عروضها» التلفزيونية هي الأهم لها، خصوصاً أن طريقها لأبناء الأجيال الجديدة يكاد يكون منحصراً في التلفزيون فقط، وهي التي تنتمي الى زمن إنتاج بات موغلاً في الذاكرة. اللافت أن عرض هذه الأفلام عبر التلفزيون يجتذب مشاهدات جماهيرية كبرى لا تبرّر انتقاد هذه العادة على رغم حقيقة أن معظم ما يعرض تلفزيونياً من أفلام الأبيض والأسود لا تتوافر له السويَة الفنية اللائقة. سينما التلفزيون وتلفزيون السينما، عادة قديمة جديدة، لكنها جذَابة وممتعة، بل وتحمل لنا ما يمكن أن نطلق عليه هنا: بهجة التلفزيون.