يعيش سكان عرسال (على الحدود اللبنانية - السورية) على وقع توالي الأحداث الأمنية التي إما تستهدف البلدة أو أهلها في أمكنة اخرى. ويشعر الأهالي بأنهم متروكون لقدرهم، خصوصاً أن الصليب الأحمر اللبناني لم يدخل البلدة امس، مثلما لم تفعل المنظمات الدولية. وتغيب الدولة عما يجري، إلا من خلال بيانات تسجل الأحداث وتستنكرها، فما كادت عرسال تشيع أحد مواطنيها علي أحمد الحجيري، سائق شاحنة الحجارة الذي قتل أول من امس برصاص على حاجز نصبه مسلحون مجهولون على الطريق ما بين الهرمل وشربين (المؤدية إلى عرسال)، حتى أغارت مروحية سورية عليها بعد الظهر مستهدفة الحي الذي تقع فيه البلدية، ما أدى إلى جرح شخصين بينهما نازحة سورية والآخر لبناني يدعى محمد أحمد البريدي. وأعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان، أن في الساعة 13:50 من بعد ظهر اليوم (أمس)، خرقت طوافة حربية آتية من الجانب السوري الأجواء اللبنانية في منطقة جرود عرسال، وأطلقت صاروخين من مسافة بعيدة باتجاه ساحة البلدة، ما أدى إلى إصابة أحد المواطنين بجروح، إضافة إلى أضرار مادية في الممتلكات». وأعلنت القيادة أن «وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة اتخذت الإجراءات الدفاعية اللازمة للرد الفوري على أي خرق مماثل». وتحدثت معلومات السكان عن سقوط 6 صواريخ، اثنان منها على بعد نحو 50 متراً من مبنى البلدية، وعن أن الجريح اللبناني نقل إلى المستشفى للمعالجة من إصابة متوسطة. وهذه المرة الأولى التي تتعرض فيها البلدة التي تستقبل النازحين والجرحى السوريين ولا تزال، للقصف المباشر، فيما كانت الصواريخ سابقاً تستهدف جرود البلدة. ورافقت تشييع الحجيري حال من الغضب والحزن والخشية مما قد يستهدف عرسال في الأيام المقبلة. وقال نائب رئيس البلدية أحمد الفليطي ل «الحياة»: «إننا في البلدة شعب أعزل، وسنبقى كذلك، وما نقوم به هو عمل إنساني بحت، وإذا كان إدخال الجرحى تم باتفاق ضمني مع «حزب الله» لتسهيل العملية، فإن ما يحصل اليوم رسائل لا نعرف غاياتها، ونحن بانتظار أن يحمينا الجيش». وأعلن الفليطي عن «تعرض سيارة فان على طريق مقنة (ما بين عرسال وبعلبك) إلى عملية خطف، وسائقها من عرسال وركابها هم سوريون نازحون، ولا نعرف مصيرهم بعد». وإذ تجمع في عرسال حتى عصر امس، نحو 200 جريح سوري أُدخلوا عبر الجرود الوعرة منذ الفجر بانتظار الصليب الأحمر اللبناني لنقلهم إلى المستشفيات، وتجري استضافتهم في البيوت، أعلن الفليطي أن حاجراً للجيش اللبناني حال ظهراً دون إدخال جريحين سوريين إلى الأراضي اللبنانية، وأن الصليب الأحمر لم يدخل عرسال أمس لنقل الجرحى، وهو كان رفض إيصال جثة الحجيري إلى عرسال وأرسلنا سيارة من قبلنا إلى اللبوة حيث تسلمناها هناك». وفي السياق، استنكر رئيس «لقاء علماء صور» الشيخ علي ياسين «التحامل على حزب الله، الذي سهل نقل الجرحى من سورية وساعد النازحين». ورأى في تصريح «أن الإسلام يقول «لا تجهزوا على جريح»، ومن خلال مساعدتهم واحتضانهم للنازحين السوريين إلى لبنان من كل المناطق السورية، فإن موقفهم ليس بالطائفي، بل يقوم على المبادئ الإسلامية في مواجهة مشروع الشرق الأوسط المتجدد الذي يريد إعادة رسم خريطة المنطقة وتقسيم الدول العربية وإعادة حلم إسرائيل الكبرى». أبو فاعور يرد على عون إلى ذلك، رد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل ابو فاعور على ما قاله رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون، عن موضوع النازحين السوريين إلى لبنان والجرحى الذين تم استقبالهم في المستشفيات اللبنانية، مؤكداً أن «الموجب إنساني وأخلاقي، ولي ملء الشرف في أن أدان على أساسه، وهو الموجب ذاته الذي أتمنى على الجميع أن يعي أهميته ويلتزم به إزاء شعب سورية في ما يتعرض له من مقتلة على يد النظام السوري ودول وأطراف أخرى». وأشار إلى «أن كلفة علاج هؤلاء الجرحى لا تقع على عاتق الدولة اللبنانية بعدما أبلغت منظمات دولية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استعدادها لتغطية نفقات العلاج». وذكر بأنه سبق أن «قدمنا اقتراحاً بمجموعة خطوات سميناها سيادية تخفف من حجم أخطار مسألة النزوح، لكنها للأسف رفضت من أطراف في مجلس الوزراء، في مقدمهم التيار الوطني الحر، وللاعتبارات الإعلامية والسياسية والانتخابية التي نأمل بيقظة أصحابها على مخاطرها قبل فوات الأوان».