منذ انطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين لابتعاث الطلبة السعوديين للدراسة في الخارج، لم يهدأ لأعداء التنمية والإصلاح من المتنطعين والمرجفين في البلاد بال، معتقدين أنهم أمام فرصة جديدة للنيل من سياسات الدولة التي تتصادم مع أجندتهم الظلامية. في البداية حاربوا البرنامج علانية وبشراسة غير مسبوقة، خرجوا مرتدين «بشوتهم» على شاشات الفضائيات ليعلنوا أن مصادرهم الخاصة تؤكد أن المبتعثين الذين هم أمل الوطن ومستقبله أدمنوا المخدرات والمسكرات وانحرفوا أخلاقياً، ووصل الأمر ببعضهم إلى الإلحاد، وما إلى ذلك من الأكاذيب والترهات الساذجة التي تهدف في الأساس إلى تشويه صورة البرنامج في إطار معاداتهم الخفية والقديمة للقيادة الشرعية للبلاد، التي يصبغونها عادة بالشعارات الدينية المزيفة. مرت الأيام وأثبتت أن المجتمع السعودي أكثر وعياً وأذكى من ألاعيب «الظلاميين» الذين فشلت كل محاولاتهم المباشرة لضرب البرنامج، ما استدعاهم للتراجع قليلاً واتباع استراتيجية غير مباشرة في محاولة بائسة لتحقيق أهدافهم، مستعينين في ذلك بوسائل الاتصال الحديثة والصحف الإلكترونية التي يديرونها بشكل مباشر أو يدعمونها من خلف الكواليس بالمال والدعاية، وانطلقوا ينشرون الأخبار السخيفة المفبركة عن المبتعثين بغباء منقطع النظير... وسأضرب هنا مثالاً بخبرين نُشرا خلال الأيام القليلة الماضية لأبيّن مدى السذاجة التي يعمل بها هؤلاء. الخبر الأول يشير إلى أن جهة ما ضبطت فتاة مبتعثة وهي تقود سيارة شمال الرياض وبصحبتها فتاتان بعد تسببها في حادثة مروري، ثم يُحبك «آكشن» الحكاية بتوضيح أنه تم استدعاء شقيق المبتعثة فأخذ يولول ويؤكد أن أسرتها حذرتها من قيادة السيارة لكنها «فالتة» ولا تطيع أحداً، والرسالة غير المباشرة هنا: الابتعاث يحوّل بناتكم إلى «فلتانات». الخبر الثاني يُشير إلى أن جهة ضبط الفتاة نفسها ضبطت في منطقة أخرى شاباً عائداً من الابتعاث وهو يعرض نفسه على الشبان في المقاهي لممارسة الشذوذ الجنسي، وتُحبك أيضاً الحكاية هنا بتوضيح أنه اعترف باكياً لمن ضبطوه بأنه تعلم «الشذوذ» ومارسه أثناء دراسته في الخارج حتى اعتاد عليه، والرسالة غير المباشرة هنا: الابتعاث يحوّل أبناءكم إلى شواذ جنسياً. طبعاً لا يمكن التعليق على الفبركات السابقة سوى بالمثل الشهير «شر البلية ما يضحك»، ذلك لأن عملية فبركة الأخبار تحتاج على الأقل لبعض الذكاء لتصبح مقنعة ويقبلها «العوام» على مضض، وليست اعتباطية وبهذا المستوى من الغباء المثير، ولعل تعليقات المغردين السعوديين في «تويتر» الساخرة من الخبرين ومن فراغ جماجم مختلقيهما تحمل رسالة واضحة لعقارب التنطع فحواها: «لله ما أفشلكم». قضية هؤلاء الظلاميين - كما أسلفت - ليست مع برنامج الابتعاث ولا المبتعثين، بل مع سياسات قيادة هذا الوطن التي تدفع به إلى المستقبل، لكنهم أجبن من أن يصرحوا بذلك، وسيظلون تائهين وسط دوامة فشلهم في زمن تجاوزهم ولن يلتفت إلى الخلف أبداً. [email protected] @Hani_Dh