تجددت عصر امس، الاشتباكات بين مسلحين في طرابلس (طرف لبناني موال للمعارضة السورية والطرف الآخر ينتمي إلى الحزب «السوري القومي الاجتماعي» الموالي للنظام السوري) في محلة طلعة الرفاعية ومحيطها بعد هدوء نسبي ساد أحياء المدينة سبقته ليلة ذعر عاشها سكان المدينة مع تمدد فوضى الاشتباكات إلى أماكن جديدة وانتشار مئات المسلحين الذين اشتبكوا في ما بينهم ومع الجيش اللبناني، ما أسفر عن سقوط قتيل وسبعة جرحى. وكان الجيش تسلم نهاراً المكاتب التابعة لشبان من آل النشار في محلة طلعة الرفاعية، (اشتبكوا عصراً مع مسلحين آخرين) كما انتشر في محلة التبانة استكمالاً لتنفيذ الخطة الأمنية في المحاور التي كانت مسرحاً للقتال، لا سيما في شارع سورية، الذي يفصل جبل محسن وباب التبانة، وسيَّر دوريات مؤللة، وأقام حواجز في كل أحياء طرابلس. وفتح الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار. وكان مسلحون ملثمون يقدر عددهم بالمئات، اجتاحوا شوارع طرابلس الرئيسة راجلين وعلى دراجات نارية وأخذوا يطلقون النار في كل اتجاه، مروعين الأهالي، ومجبرين المحال على الإقفال. ونفذ الجيش مداهمات وسيَّر دوريات وطارد المسلحين المزودين رشاشات متوسطة وقذائف «آر بي جي» وقذائف «B7»، في مناطق مختلفة من المدينة، منها محيط التل، والمئتين والزاهرية، وباب الرمل وباب الحديد، وفي أزقة الأسواق الداخلية. قيادة الجيش ووجهت قيادة الجيش نداء إلى المواطنين أكدت فيه أنها «سعت في الأشهر الأخيرة إلى العمل بقوة وحزم وترو لمنع تحول لبنان ساحة للصراعات الإقليمية وانتقال الأحداث السورية إليه، لكن الأيام الأخيرة حملت إصراراً من جانب بعض الفئات على توتير الأوضاع الأمنية وخلق الحساسيات بين أبناء الشعب الواحد على خلفية الانقسام السياسي الحاصل في شأن التطورات في سورية». وأعلنت القيادة أنها «بدأت سلسلة تدابير أمنية حاسمة في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع وجبل لبنان، وستكون عملياتها رادعة ومتشددة، فالجيش مزمع على تنفيذ خطته الأمنية في طرابلس مهما كلف ذلك، ليس على محوري باب التبانة وجبل محسن فقط، إنما أيضاً في كل بقعة يراد منها أن تكون محور قتال بين أبناء المدينة الواحدة، وهو تدخل في صيدا بقوة أيضاً لمنع استثمار تطورات سورية، وفي بعض أحياء جبل لبنان، حيث أطلق مسلحون النار ابتهاجاً ومستمر في ملاحقة الفاعلين الذين ارتكبوا جريمة اغتيال عسكرييه في عرسال». وأكدت قيادة الجيش أنها «بقدر ما ستكون حازمة في تدابيرها الأمنية، تدعو المواطنين إلى التنبه لما يحاك من مخططات لإعادة لبنان إلى الوراء واستدراجه إلى حرب عبثية، وإلى الحذر من الإشاعات الكاذبة والتضليل الذي يمارسه بعض الجهات السياسية والدينية، كما تدعوهم إلى أن يكون تعبيرهم عن آرائهم السياسية، سواء بالنسبة إلى مجريات الأحداث في لبنان أو سورية، بالوسائل السلمية الديموقراطية والتي لا تستفز أحداً، وإلى عدم الانجرار وراء مجموعات تريد استخدام العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، والتجاوب مع تدابير الجيش لما فيه مصلحتهم ومصلحة لبنان، وأن استعمال السلاح سيقابل بالسلاح ولن ندخر جهداً لتجنيب الأبرياء ثمن غايات سياسية وفئوية تريد خراب لبنان». وكانت قيادة الجيش أعلنت سابقاً في بيان، أن «دورية تابعة للجيش تعرضت لإطلاق نار في منطقة جبل محسن من مسلحين»، وان «قوى الجيش ردت على مصادر النيران، ونفذت عمليات دهم لعدد من الأماكن المشتبه بها بحثاً عن المسلحين، فضبطت أثناء ذلك مخزناً للسلاح يحتوي على كميات من القاذفات الصاروخية والقنابل اليدوية والبنادق الحربية، بالإضافة إلى كميات من الذخائر والأعتدة العسكرية». وأفادت قيادة الجيش في وقت سابق عن ضبط مخزن آخر للسلاح فجراً في محلة سوق القمح في منطقة التبانة ويحتوي على «كميات من العبوات الناسفة ومدافع الهاون المحلية الصنع والبنادق الحربية والذخائر العائدة لها، بالإضافة إلى أعتدة عسكرية متنوعة». وقال مصدر أمني لوكالة «فرانس برس» إن الجيش تعرض لإطلاق نار في عدد من شوارع طرابلس احتجاجاً على مصادرة السلاح. مواقف وعقد رئيس «لقاء الاعتدال المدني» مصباح الأحدب مؤتمراً صحافياً في طرابلس رأى خلاله «أن لبنان يمر في أصعب الظروف التي تهدد كيانه ووجوده في ظل انقسام السياسيين بين من يريد جره إلى معركة في الداخل السوري وبين من يرفض ذلك». وقال: «الجميع يعلم أن لا انتصار لأحد في سورية، وإن المعركة طويلة. فهل بات المطلوب تكريس أجهزة الدولة لمساندة وخدمة هذا النظام القاتل رغماً عن ارادة غالبية الشعب اللبناني الذي رفض الظلم وأخرج الجيش السوري من البلد؟». وسأل: «ماذا تريدون من الجيش؟ هل تريدونه أن يحمي كل لبناني يوالي «حزب الله» والأسد وإيران ويعتبر كل لبناني يرفض هذا التحالف إرهابياً خطيراً؟». ودعا رئيس الجمهورية إلى «منع توريط الجيش في مواجهة أهله، انتهينا من قصة الجيش والشعب والمقاومة، نريد حكومة في أسرع وقت تتصدى للمشاكل الأمنية والاقتصادية والمعيشية وتكون على مسافة واحدة من الجميع». ورأت اللجنة السياسية الشمالية في «الجماعة الإسلامية» في بيان، «أن الوضع الأمني المتفاقم في طرابلس والفتن المتنقلة تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر التحدي من خلال ضبط النفس ومعالجة الأوضاع بروية وعمق»، مؤكدة «الحرص على استتباب الأمن الكامل في طرابلس وعدم إدخال المدينة في بازار الرسائل المتنقلة».