خيّم هدوء حذر بعد ظهر امس على خط الاشتباكات التي اندلعت منذ بعد ظهر اول من امس واستمرت حتى صباح امس بين باب التبانة وجبل محسن في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، واستخدمت فيها قذائف ال «انيرغا» وال «ار بي جي» والاسلحة النارية الخفيفة، وسقط بنتيجتها ضحيتان ونحو 15 جريحاً بعضهم من الجيش اللبناني وآخرون مدنيون، وذلك بعد ارسال الجيش تعزيزات الى المنطقة وتوقيفه مسلحين وضبطه اسلحة وذخائر». وتوجهت التعزيزات العسكرية الى مناطق الاشتباكات اعتباراً من الظهر وتضم ملالات وناقلات جند تابعة لمغاوير البحر، للانتشار في شارع سورية الفاصل بين باب التبانة وجبل محسن وكانت تسمع بين الحين والآخر رشقات نارية وأبواق سيارات الإسعاف. وأدت الاشتباكات الى مقتل شخصين هما وليد بطحيش (18 سنة) الذي توفي في المستشفى الاسلامي، ونعمان دالاتي الذي وصل الى المستشفى المذكور ليلاً مصاباً بطلقات عدة في جسمه وتوفي في اثناء اسعافه، وإصابة 15 شخصاً عرف منهم راتب احمد ناصر (27 سنة - اصيب بطلق ناري في رقبته وساقه)، محمود محمد نشار (20 سنة - اصابة في رجليه)، ياسمين احمد العتر (20 سنة - اصابتها خطرة نتيجة طلق ناري في رئتها) والجندي بلال عبدالعزيز عيسى (اصابته في رئته ويده). واستخدمت في الاشتباكات القذائف التي انهمرت على المنازل عشوائياً، وسجلت عمليات قنص، ورد عناصر الجيش على مصادر النيران وطاردوا المسلحين. قيادة الجيش وأعلنت قيادة الجيش اللبناني - مديرية التوجيه في بيان حول الاشتباكات ان قوى الجيش «واصلت تعزيز اجراءاتها الامنية في منطقة باب التبانة - جبل محسن والقيام بعمليات دهم دقيقة لأماكن الذين شاركوا في الاشتباكات التي حصلت اول من امس، وتمكنت من توقيف عدد من المسلحين وضبط كميات من الاسلحة والذخائر الموجودة في حوزتهم». وأعلنت القيادة عن اصابة «عدد من العسكريين بجروح مختلفة، احدهم بحال الخطر نتيجة تعرضهم لإطلاق نار وسقوط قذيفة انيرغا بالقرب من آلية عسكرية». وأكدت قيادة الجيش «قرارها الحاسم بالتصدي للعابثين بالأمن الى اي جهة انتموا ومتابعة ملاحقة جميع المتورطين في الأحداث حتى توقيفهم وتسليمهم الى القضاء المختص»، محمّلة «العناصر المسلحة ومن يقف خلفها مسؤولية اي خسائر جسدية ومادية تقع في صفوف المدنيين او العسكريين»، وأشارت الى ان «الاوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد لن تشكل في اي حال من الاحوال غطاء للمصطادين بالماء العكر والمتطاولين على هيبة الدولة وأمن المواطنين واستقرارهم». مخزن السلاح وكان انفجار هزّ ليل اول من امس منطقة ابو سمرا في طرابلس بالتزامن مع الاشتباكات الدائرة في منطقة باب التبانة - جبل محسن، وتبين انه وقع في مخزن ذخيرة؛ وتبادلت امس احزاب في الشمال الاتهامات في شأن ملكية المخزن. وربط مسؤول العلاقات السياسية في «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت عيد في تصريحات من منزله في جبل محسن (تقطنه الطائفة العلوية) بين «ما حصل في طرابلس وما يحصل في سورية»، مشيراً الى «ان بعضهم جاهر بأن حمص مقابل جبل محسن. والبارحة اطلقت مجموعة النار على جبل محسن وكنا نسقنا من قبل مع الجيش اللبناني لمنع الخروق». واعتبر ان «مستودع أبو سمرا للسلاح الذي انفجر كان يحتوي على مختلف انواع الاسلحة وهناك اصابات لأشخاص لبنانيين وسوريين معارضين كانوا في مستودع السلاح وأسماؤهم معروفة وأيضاً معروف على من يترددون من القيادات، وان هذا المستودع هو لتيار المستقبل او موجود بتغطية منه، فهم ملوك السلاح ويفتعلون الفتنة في طرابلس وسورية، ونسأل محمد نعمان الناشط السوري المعارض ماذا كان يفعل في المخزن؟». وسارع عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» مصطفى علّوش الى نفي أن يكون مخزن السلاح عائداً إلى «تيار المستقبل»، وقال: «كلّما حصلت أزمة في المدينة يتهم أزلام النظام السوري تيار المستقبل بمختلف أنواع الاتهامات غير المسندة، ونحن تحت القانون، وعلى الأجهزة الأمنية والقضائية القيام بواجباتها إزاء كل من ينتهك القانون». واعتبر ان «كل الاتهامات التي يقولها عيد وسواه، ملقّنة من قبل المخابرات السورية». ولفت إلى ان «المزرعة حيث المخزن تعود الى آل بقصماطي، أما المخزن فيعود الى شخص من آل الضناوي تنقّل في الولاء السياسي بين جهات عدّة، لكنه لم يكن أبداً في تيار المستقبل». وذكر موقع «القوات اللبنانية» الالكتروني الإخباري بدوره ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعنّي انتقل الى مكان انفجار المخزن وباشر التحقيقات الأولية. وأكد الموقع ان «عملية نقل أسلحة كانت تجرى من المخزن في سيارة «بي ام اكس 5» سوداء اللون، وأدى الانفجار الى مقتل سوري وجرح 5 أشخاص، وتعود ملكيته الى بلال الضناوي المحسوب سياسياً على أطراف طرابلسية في الحكومة». ونفى المسؤول الاعلامي في «حركة التوحيد الاسلامي» عمر الأيوبي اي علاقة للحركة بالمخزن «لا من قريب ولا من بعيد». وطالب عضو كتلة «المستقبل» النيابية عن المقعد العلوي خضر حبيب «بأن تكون طرابلس مدينة منزوعة من السلاح». وردّ على اتهام عيد قائلاً: «يعرف تماماً ان تيار المستقبل تيار سياسي وليس لديه اسلحة والقوى الامنية تعرف لمن هو المستودع ومن هو صاحبه». وناشد مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار رئيس الجمهورية «اصدار اوامره للجيش لوضع حد لما يحصل»، معتبراً ان «هناك رغبة لاستدراج لبنان الى حلبة الصراع ونحن يجب ان نبتعد عن ان نستدرج وحبذا لو تكون طرابلس مدينة منزوعة السلاح». وعبّر النائب السابق عبدالمجيد الرافعي في بيان عن ألمه لما يحصل «في اكثر مناطق طرابلس شعبية ليدفع الثمن أبناؤها من دمائهم ومعاناتهم وتفاقم قسوة عيشهم». واستنكر كل «أشكال التحريض المذهبي والاقتتال العبثي».