في غرفة لا تتجاوز مساحتها خمسة أمتار ودورة مياه واحدة غير ملائمة للاستخدام، وجدران يتسلل منها الهواء البارد في فصل الشتاء، ولهيب الحر القارس في الصيف، تسكن أم بدر مع ثلاثة من أبنائها الأيتام، بعد وفاة والدهم قبل سنوات عدة. وترى في وجوه أبنائها اليتم والحرمان من العيش، يحلمون بلعبة أو جهاز ألعاب مثل بقية الأطفال، فلا يجدون، حتى ضروريات الحياة مثل سرير نظيف، أو مكيف يقيهم حر الصيف، وسقف يمنع هطول الأمطار على رؤوسهم وهم نائمون، هو أمر بعيد المنال. لم تتوقف حياة الأيتام عند هذا الحد من المعاناة، إذ كاد أحدهم يترك مقاعد الدراسة، للمساهمة في تخفيف العبء عن والدته، في مصروفه الشخصي، وتكرر هذا الأمر كثيراً. ولكن الأم كانت في كل مرة تثنيه عن هذا القرار. لتوصل إليه رسالة مفادها: «إذا كنت تريد مساعدتي يجب أن تواصل دراستك، حتى تحصل على شهادة تساعدك في البحث عن وظيفة مناسبة». ويتجرع بقية الأبناء مر العوز، فيما تمر أيام من دون أن يجدوا مواد غذائية في المنزل، ليضطروا إلى النوم ببطون خاوية، بحسب أم بدر، التي تسرد قصتها، بعد بكاء لم يتوقف حينما تشاهد أبناءها، وهم في هذا الوضع. وتقول: «نسكن في منزل في الدور الثاني يعود لأسرة زوجي، وهو صغير جداً، غرفة ودورة مياه متهالكة»، لافتة إلى أن مصدر دخلها ما تتسلمه من «الضمان الاجتماعي فقط». وتتمنى أم بدر أن تحصل على منزل في «إسكان الملك عبدالله لوالديه»، أو أي إسكان خيري يحمي أبناءها من «حر الصيف وقسوة الشتاء. المهم منزل، ولو كان يحوي غرفتين، ومطبخاً، ودورة مياه». وتضيف: «طرقت أبواب الجمعيات الخيرية، ولكن من دون جدوى، بل إن إحدى الجمعيات قطعت المساعدة التي كنت أتسلمها قبل أسابيع، ولا أعرف السبب حتى الآن»، موضحة: «نعيش على ما يقدمه لنا أهل الخير، خصوصاً في شهر رمضان المبارك، إذ أصبحت الحياة صعبة جداً في هذا الوقت. ومصروف الأبناء كبير، حتى إنني أبكي حينما يطلبون مني بعض الألعاب، أو كسوة، ولكن أقول الله كريم». وتؤكد الأرملة المحبطة وجود «صعوبة في العيش في منزل متهالك يقع في حي شعبي في مدينة الهفوف، ولكن ماذا أفعل؟ العين بصيرة، واليد قصيرة». ولم تتمالك أم بدر نفسها، بعد أن أخذت «الحياة» في جولة على مرافق المنزل، ومشاهدة الجدران المتصدعة العارية حتى من الأثاث. وتستدرك: «أتمنى لو أقدم لكم واجب الضيافة، ولكن المنزل يخلو من كل شيء، ولكنه لن يخلو من رحمة الله سبحانه وتعالى». كما تتمنى أم بدر الحصول على وظيفة، «كي أستطيع تحمل أعباء هذه الحياة، ومساعدة أبنائي في مواصلة الدراسة، التي أصبحت ثقلاً كبيراً على عاتقي، بعد وفاة زوجي».