وأنت في الطريق إلى سويقة على مسافة 25 كيلو مترا شرقي خيبر كان يهجس في ذاكرتك مشهد هذه الهجرة ترتمي بعيدا ويتمشى السكون في طرقاتها. قبل أن تصل إلى عتبات الهجرة تلمح بأم عينيك خياما بالية لا تحمي قيظ الصيف ولا زمهرير الشتاء وبيوتاً تم إنشاؤها بطريقة بدائية من الطوب والحديد والزنك، وثمة سكان مرتبطون بالأرض ويعتمدون على دعم الجمعيات الخيرية الذي لا يصلهم إلا نادراً ولا يوجد لديهم سوى مدرسة ابتدائية واحدة في هجرة للبنين وهي استحدثت للتو قبل ثلاث سنوات ولا يوجد لديهم مدرسة للبنات ولا يوجد سوى مسجد صغير لا يكاد يستوعب المصلين. هذه المعاناة التي يصفها الكثيرون بأنها أرهقتهم حيث استوطن الكثير منهم في الهجرة بعد أن كانوا يعيشون في البادية وكان السبب الوحيد للتوطين هو البحث عن الرزق وتعليم الأبناء الذين بقي البعض منهم دون تعليم حيث أن الأغلبية منهم لا يعمل ويعول أسرة وراتبه الذي يستلمه من الضمان لا يكفي سوى لمصروفه فكيف له أن يوفر منه مبلغاً لكي يشيد منزلاً يقيه حرارة الصيف وبرودة الشتاء والبعض الآخر من الشباب لا يحملون شهادات دارسية ولا يقدرون على التوظيف مما يؤزم الأمر ويوقعهم في حرج شديد، حيث لا يجد أكثرهم مصروفه اليومي سوى ما ينفقه عليه أهله والبعض الآخر منهم متزوج ويعمل في أعمال حرة مثل رعي الغنم وتجميع المخلفات المعدنية لكي يبيعها ويقتات يومه منها. (عكاظ) قامت بجولة في هذه القرية والتقت عددا من المواطنين وأوضح سعود مبروك العازمي أنه يعول أسرة مكونة من زوجتين وعدد أبنائه 16 ويسكن في بيت صغير يقول "لا أجد مصروفا سوى راتب الضمان الاجتماعي الذي لا يكاد يسد احتياج الأسرة ولا أجد مصدر رزق غيره" وعن دور الجمعيات الخيرية يقول "لا تصل إلينا مساعدات الجمعيات سوى بالسنة مرة واحدة ولا يكفينا ما تقوم به الجمعية من دعم" وعن ما يتمناه العم سعود يقول "أريد منزلاً يحميني أنا وأسرتي". من جهته أوضح مرضي العازمي أنه يعول أسرة مكونة من أربعة أفراد وقال عن ذلك "أنا لا أحمل شهادة دراسية ولم أجد وظيفة وأعيش مع أسرتي على ما أحصل عليه من أعمال حرة والضمان الاجتماعي رفض تسجيلي ولا أدري الى أين أذهب وحتى أهل الخير لم يقصروا معي وساعدوني على بناء منزل صغير يؤويني أنا وأسرتي وإني لا أريد سوى وظيفة تساعدني على المعيشة وبيت يحمي أسرتي". وفي نفس السياق أوضح عطالله هابس العازمي انه يعول سبعة أفراد ولا أحد يدري قدر المعاناة التي يعيشها السكان في القرية، حيث الكثير منهم لا يقدر على الذهاب إلى الجمعيات الخيرية، كما أن غياب الجهات المسؤولة بحد ذاته هو مربط الفرس. وأضاف: منذ جئنا إلى القرية لم يقف علينا مسؤول واحد يتفقد ما نحتاجه ولقد تعبنا من المطالبة، حيث لا يوجد سوى جمعية خيرية واحدة وهي لا تقوم بالتوزيع سوى عندما يقترب شهر رمضان ولا يكفي ما تقوم بتوزيعه حيث انها توزع احتياجات معدودة. وأوضح محمد بداي العازمي انه يعول أسرة مكونة من 19 فردا وقال " لا يوجد لدي منزل يؤوي أسرتي سوى هذا البيت الذي شيدته بطريقة بدائية حسب قدرتي المالية فأنا أعول أسرة ولا يوجد لدي مصدر رزق سوى راتب الضمان الاجتماعي وهو لا يكفي لسد احتياج الأسرة. أما أيتام شديد صياح فلا يوجد لديهم سوى راتب الضمان الاجتماعي والبيت الذي يؤويهم قام بتشييده أهل الخير، إذ ليس لديهم عائل بعد وفاة عائلهم وكل ما يطلبونه هو بيت يحميهم. من جهته قال صويلح العازمي "منذ حوالي عشرين سنة وأنا أعيش على راتب الضمان الاجتماعي ونشكر الله على العافية". وأضاف أن السكان في تزايد وقد بدأ البعض منهم في التوطين، حيث إنهم انهلكوا من العيش في الصحراء. محمد مفضي وهو إمام المسجد في القرية يقول: على الرغم من قربنا من المحافظة إلا أننا لم ننعم بالخدمات كسائر القرى الأخرى، فالناس هنا لا حول لهم ولا قوة.. والجمعيات الخيرية لم تقصر إلا أن توزيع المعونات يتم في فترات متباعدة كل ستة أشهر أو أكثر لأهال يفتقرون إلى المنازل المناسبة التي توفر أدنى مقومات الحياة. وأضاف مفضي: إن كثيرا من أبناء وبنات سويقة تركوا الدراسة لظروفهم المادية ولابتعاد المدارس عنهم. وقال عواد زياد : أعول أسرتي المكونة من 15 فرداً بالإضافة الى ابني وعائلته وهم 5 أفراد. ونعيش في منزل متهالك مكون من صنادق ولا يوجد لدي مصدر دخل كما ان ابني لا يعمل فهو لا يحمل شهادة. وأتمنى من الجهات الخيرية أن تنظر في أمرنا باهتمام. وأوضح سعود سويلم بقوله "نعيش في سويقة في ظروف قاسية، فأغلب مساكننا متهالكة تفتقر للكهرباء والماء ونحمد الله على كل حال، أنا أعول أسرة كبيرة مكونة من سبعة أفراد بالإضافة الى أخي المعوق ووالدتي. وكلنا نعيش في صنادق لا تحمي من قيض الصيف ولا زمهرير الشتاء ولا يوجد لي دخل على الإطلاق. اما المسن بركة مبروك فقال أنه لا اسرة له ولا أولاد ويقضي حياته متنقلا بين الناس ويتمنى ان يجد غرفة يقضي بها الأيام المتبقية من حياته. وقال زقيح ثمر: إن مسجد الهجرة صغير لا يستوعب المصلين ويوم الجمعة جزء كبير منهم يؤدون الصلاة خارجه، وتمنى ان ينشأ في سويقة مسجد يستوعبهم. أم مفرح تقول "أعيش مع أبنائي الذين يعانون من أمراض نفسية في صنادق متهالكة وأصرف من راتب الضمان وهو لا يسد حاجتنا وأدعو الله ان تتغير أمورنا للأفضل".