لم تتضح بعد طبيعة تسليح حكومة الرئيس بشار الأسد بصواريخ «اس - 300» وذكرت وسائل إعلام روسية أمس، أن روسيا لم تسلم بعد الصواريخ إلى النظام السوري، وقد لا يتم التسليم هذه السنة أو ربما لن يتم حتماً، ما يشكل نفياً لما أشار إليه الرئيس الأسد في مقابلته مع تلفزيون «المنار» التابع ل «حزب الله». وقالت مصادر ل «الحياة»، إن تنفيذ عقود روسية مهمة لسورية يدخل في طبيعة الاستراتيجية الروسية وتعاملها مع الأزمة السورية، و «لن يتم البتّ فيها سوى بعد انعقاد مؤتمر جنيف وطبيعة ما يجري فيه، إذا انعقد، وبناء لتقويم دقيق للموقف العسكري، ومن يدفع ثمن السلاح، ومن يشغّله، وما إذا كانت موسكو تريد مواجهة مع الغرب في سورية». وقال مصدر في قطاع صناعة السلاح لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء امس، إن من غير المرجح أن تسلم موسكو شحنة صواريخ «أس - 300» المضادة للطائرات إلى سورية قبل الخريف. وأشار إلى أن توقيت تسليم الأسلحة التي أقلقت الحكومات الغربية سيتوقف على تطورات الوضع في سورية. ونقلت الوكالة عن رئيس شركة ميغ الروسية لصناعة الطائرات، قوله «إن روسيا ستمد سورية بعشر مقاتلات من طراز ميغ -29 محسّنة وتبحث التفاصيل مع وفد سوري». وأوردت صحيفة «فيدوموستي» نقلاً عن مصدر في صناعة الدفاع، قوله إنه ليس من الواضح ما إذا سيتم تسليم الصواريخ إلى سورية هذا العام، بينما نقلت «كومرسانت» عن مصدر آخر، بأن التسليم مقرر في الربع الثاني من 2014. ومن جهة أخرى، نقلت «إنترفاكس» عن مصدر في صادرات الأسلحة، قوله إن عملية تسليم الصواريخ إن تمت «فلن يكون ذلك قبل الخريف». غير أن مصدري «كومرسانت» و «فيدوموستي» قالا إنه لم يتم بعدُ تسليمُ أي صواريخ لم تسلَّم. وعقد الصواريخ تم توقيعه عام 2010، وقالت «فيدوموستي» إن قيمته بليون دولار. وأضافت «كومرسانت» أنه بعد تسليم الشحنة في 2014، فإن فترة من ستة شهور على الأقل ستكون ضرورية لتدريب العاملين وإجراء الاختبارات قبل أن تصبح هذه الأنظمة عملانية بشكل كامل. وقال مصدر «كومرسانت» إنه بينما يبدو موعد التسليم في الخريف ممكناً من الناحية النظرية، «فإن أموراً كثيرة رهن بالوضع في المنطقة وموقف الدول الغربية من حل النزاع في سورية». ونقلت «فيدوموستي» عن المصدر قوله، إنه فيما تصر الحكومة الروسية حالياً علناً على أن العقد سيتم تنفيذه، فإن هذا لا يعني أن التسليم الفعلي سيتم حتماً. ووفق «إنترفاكس»، فإن عملية التسليم قد لا تتم حتماً. ونقلت عن مصدرها قوله إن المسألة ذاتها حصلت مع صواريخ «إسكندر» الروسية، التي أرادتها سورية قبل بضع سنوات لكن موسكو رفضت التسليم. ويرى الخبراء أن أنظمة الصواريخ هذه تكتسي أهمية عسكرية كبيرة للرئيس السوري في النزاع مع المقاتلين المسلحين، إذ يمكن استخدامها كقوة رادعة لصد ضربات جوية إسرائيلية أو غربية ضد النظام. وأبرز تقرير في كومرسانت مخاطر سعي أي طرف ثالث مثل إسرائيل لتدمير صواريخ «أس-300» بعد وصولها إلى سورية، علما بأن الخبراء الروس سيكونون متواجدين على الأرض لضمان عملها. وقال مصدر في صناعة الأسلحة للصحيفة: «إذا تأذى مواطن روسي واحد نتيجة لذلك، ستكون العواقب السياسية خطيرة جداً»، وأضاف: «ما من قيادة تتحلى بمنطق تتخذ مثل هذه الخطوة». في جانب آخر، دافع مساعد رفيع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حق بلاده في تسليم أسلحة للحكومة السورية، وقال إن قراراً للاتحاد الأوروبي بعدم تجديد الحظر المفروض على السلاح لسورية، سيلحق الضرر بالجهود الرامية لعقد مؤتمر للسلام. وقال يوري يوشاكوف مساعد بوتين لشؤون السياسة الخارجية، إن قرار الاتحاد الأوروبي «غير بنّاء بالنسبة للاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر دولي بهذه الأهمية»، مشيراً إلى أن روسيا ستفي بتعاقداتها الخاصة بالأسلحة المبرمة مع الحكومة السورية على رغم الانتقادات الغربية. وفي واشنطن، رأى خبراء أن الولاياتالمتحدة لا ترغب في تسليح المعارضة السورية المنقسمة بين معتدلين وإسلاميين خشية التورط في «حرب بالوكالة» بين إيرانوروسيا، ولو أنها أيدت قرار الاتحاد الأوروبي برفع الحظر على الأسلحة للمعارضين الذين يقاتلون نظام الرئيس بشار الأسد. ويخضع الرئيس الأميركي باراك اوباما منذ شهور لضغوط من أعضاء جمهوريين في الكونغرس، وحتى من مسؤولين في إدارته، لتسليح المعارضة السورية، غير أنه ما زال يكتفي بتقديم مساعدة تتضمن تجهيزات «غير قاتلة»، مراهناً على تسوية سياسية للنزاع من خلال مؤتمر جنيف. وقال آرام نرغيزيان، المحلل في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن لوكالة «فرانس برس»، إن الولاياتالمتحدة «لا ترغب في الحقيقة بتدخل في سورية... ولا تود أن تتسارع الحرب». وتابع أن «الرئيس (أوباما) هو صاحب القرار في نهاية المطاف بالنسبة إلى سورية»، مندداً ب «عدم انسجام السياسة الأميركية بشان مسألة تسليح» المعارضة، وهو ملف تصدُر في شأنه مواقف متعارضة و «غامضة» عن البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية. وتحذر الإدارة الأميركية منذ أشهر من مخاطر تسليم أسلحة إلى المقاتلين المعارضين في سورية. وهي تخشى أن تقع تجهيزات عسكرية، مثل قاذفات صواريخ من طراز «ستينغر ب»، في «أيد خاطئة»، أي في أيدي مقاتلين إسلاميين من «جبهة النصرة» المتحالفة مع تنظيم «القاعدة» والتي تقاتل في الخطوط الأمامية للنزاع ضد قوات دمشق. وحذر السفير الأميركي السابق في العراق راين كروكر هذا الأسبوع في جامعة ستانفورد من أن بلاده «لا تملك ما يكفي من المعلومات حول المعارضة السورية المشرذمة للتدخل أو لتسليحها». وتتعامل الولاياتالمتحدة منذ أشهر مع المعارضة السورية المعتدلة وعلى رأسها المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر بقيادة اللواء سليم إدريس. وتساءل نرغيزيان: «حتى لو أعطينا أسلحة إلى اللواء إدريس... كيف نمنع انتقالها إلى جبهة النصرة؟»، مستشهداً بأمثال من «لبنان أثناء الحرب الأهلية... وليبيا والعراق». ولفت نرغيزيان إلى أنه كلما طغى الإسلاميون في صفوف المعارضة المسلحة، بات من الصعب «أن نلعب هذه اللعبة مع القاعدة ومع ناشطين إسلاميين سيزعزعون الاستقرار في المنطقة». وحذرت واشنطن الخميس موسكو من تسليم صواريخ «أس 300» لنظام الأسد، مذكرة في الوقت نفسه بأن روسيا تلعب دوراً ديبلوماسياً أساسياً في البحث عن حل سياسي للنزاع. لكن نرغيزيان لفت إلى أنه «في حال فشلت الديبلوماسية، فإن الولاياتالمتحدة قد تعمد إلى تسليح بعض الفصائل، وعندها سنشهد حرباً بالوكالة قد تستمر سنوات». وحذّر من أن «هذا خطر فعلي». وقالت جين بساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين: «هذا شيء مثير للقلق... لكن في الوقت نفسه ندرك أن الدور الذي يلعبه الروس هو دور الشريك المهم للمساعدة على دفع النظام إلى طاولة المحادثات». وأضافت: «لا نزعم أننا متفقون مع الروس في كل قضية في سورية، لكننا نراهم كشريك مهم للتحرك صوب عقد مؤتمر والتحرك صوب انتقال سياسي، وليس هناك من سبب يدعونا للاعتقاد بأنهم لا يريدون أن يكونوا شركاء في هذا». وقالت بساكي: «النقطة هي العمل مع دول مثل روسيا التي لها روابط مع النظام لنرى ما إذا كانت تمكن إعادة الجانبين إلى الطاولة، وهذا هو الدور الخاص الذي يمكن أن يلعبوه في هذه العملية، وما يجعلنا نشعر بأهمية أن نكون شركاء معهم». وقالت الولاياتالمتحدة إنها ليست على علم بوصول أي شحنات صواريخ جديدة إلى سورية. وأضافت: «تسليم أي أسلحة توفرها روسيا للنظام هو بالقطع مثار قلق لنا، لهذا نعمل بكل جهد مع شركائنا الدوليين لمساعدة المعارضة، لكننا نأمل في أن يكون هذا المؤتمر فرصة لتحريك مسألة الحكومة الانتقالية قدماً».