دعا مثقفون مصريون إلى مزيد من المؤتمرات العامة بهدف التصدي للإجراءات التي تهدف إلى «أخونة الثقافة في مصر»، لا سيّما التصعيد المتعمّد من وزير الثقافة المصري علاء عبدالعزيز الذي اتخّذ «إجراءات» يمكن وصفها بأنها موجة جديدة من «التدجين القسري»، عبر إقصاء مسؤولين «ليبراليين» في قطاعات تابعة للوزارة. وفي هذا السياق، استضافت نقابة الصحافيين المصريين مؤتمراً حاشداً لمعارضي الوزير علاء عبد العزيز الذي تولى منصبه قبل نحو شهر ويتردد أنه يعمل وفق «أجندة إخوانية»، جاء على خلفية إقالة رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب أحمد مجاهد، والذي أعقبته إقالة كل من رئيس قطاع الفنون التشكيلية صلاح المليجي ورئيسة دار الأوبرا إيناس عبد الدايم. وجاءت إقالة المليجي بعيد اشتراكه مساء الأحد الماضي في افتتاح المعرض العام للفنانين التشكيليين في دورته ال35 في «قصر الفنون» في القاهرة، وهو ما اعتبره عبدالعزيز تحدياً لقرار كان اتخذه بتأجيل المعرض، واستبعاد أعمال مشاركة فيه. وتضمن بيان صدر عن مؤتمر المثقفين في نقابة الصحافيين رفض محاولات «أخونة» أجهزة الثقافة ومؤسساتها وتحويلها إلى أدوات لخدمة أغراض ومصالح جماعة «الإخوان المسلمين» التي تمسك بزمام الحكم في مصر اليوم. وأعلن المشاركون في المؤتمر نفسه، وفي مقدمهم الروائي بهاء طاهر والشاعر أحمد فؤاد نجم والناشر محمد هاشم والصحافي جمال فهمي والرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب أحمد مجاهد، تأسيس «الجبهة المصرية للدفاع عن الثقافة والفنون»، على أن تكون مهمتها «مواجهة الانحراف عن أهداف الثورة إلى أي أهداف أخرى معادية لحرية الفكر والثقافة والحكم الرشيد»، وطالبوا بالكشف عن موازنة وزارة الثقافة والاستناد إلى معايير الكفاءة المهنية والإنجاز الإبداعي في اختيار قيادات الوزارة، إضافة إلى الرفض المطلق لما صدر عن القيادة الحالية لوزارة الثقافة من قرارات، وإعلان الدعم الكامل لسلاسل الكتب والفكر التي تصدر عن مؤسسات الدولة. ودان وكيل نقابة الصحافيين جمال فهمي ما سماه «سياق الوهم والحماقة والجهل والغباء» الذي أتى بوزير الثقافة الحالي، واعتبره مؤاتياً لعملية «نشل» مصر ثقافياً وسياسياً، و «جرّ الدولة المصرية إلى الظلام». ورأى الروائي والناشط السياسي مسعد أبو فجر أنّ قرارات وزير الثقافة الجديد تعكس «حالة عامة من السخافة، ولا مجال للخلاص منها سوى بتغيير النظام السياسي كله». ودعا بهاء طاهر إلى التفاؤل والتركيز في خطوات «التوحّد» أمام «السخائم» و «المصائب». وشهد المؤتمر أيضاً اقتراحات بتشكيل لجان ومؤسسات شعبية، تكون بمثابة «ديوان» للثقافة الشعبية، تتولّى تقديم ما كانت تقدمه وزارة الثقافة في «دكاكين»، كما قال الفنان أحمد عبدالعزيز. أمّا بالنسبة إلى أحمد مجاهد الذي كان أول ضحايا القرارات «الغشيمة»، فالوضع لا يسمح بخيار ثالث: «تمرّدوا أو موتوا»، ففي رأيه أنّ الدولة تستخدم سلاح الموازنة لتحارب به الثقافة، وأنّ المعركة الجديدة ليست ضد «أخونة الثقافة» لأنّ الإخوان لا يملكون مشروعاً ثقافياً في الأساس، إنما ضد «تجريف الثقافة». وبعد استقالة شخصيات ثقافية من مناصبها في وزارة الثقافة مثل الشاعر عبد المعطي حجازي من رئاسة تحرير مجلة «ابداع» الصادرة عن وزارة الثقافة، واسامة عفيفي رئيس تحرير مجلة «المجلة» الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومجلس امناء بيت الشعر، قدم الامين العام للمجلس الاعلى للثقافة سعيد توفيق استقالته من منصبه احتجاجا على «الاجواء المسمومة» التي تعيشها وزارة الثقافة وسياسة الوزير في «أخونة» قطاعات الوزارة. وأفاد بأن الاستقالة التي قدمها تأتي بسبب «الاستياء العميق من الاجواء المسمومة في الوزارة التي باتت تخنق الانفاس وتشل العمل الثقافي والاداري في الوزارة». وابدى توفيق أيضاً اعتراضه على ما اعتبره «السعي باصرار نحو تنفيذ سياسة اخونة الوزارة الذي بات واضحا للعيان»، مشيرا الى «تصعيد من يميل بالولاء لجماعة الاخوان المسلمين (...) على رغم تقويمهم السلبي بالنسبة لمهات عملهم».واكد توفيق انه يقدم استقالته ايضا احتجاجا على «سياسة التنكيل التي يتبعها الوزير بالكثير من قيادات الوزارة وان كانوا من اصحاب الكفاءة والخبرة». وكان وزير الثقافة علاء عبد العزيز الذي تولى الوزارة في التعديل الوزاري الاخير قبل ثلاثة اسابيع اقال رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب احمد مجاهد ورئيس قطاع الفنون التشكيلية صلاح الميلجي، ورئيسة دار الاوبرا ايناس عبد الدايم، ما اثار استياء واسعا في الاوساط الثقافية والفنية.