تتطلب كفاءة الأسواق المالية في المنطقة وعدالتها ونضجها وارتفاع مستوى شفافيتها، التزام الشركات المساهمة المدرجة في هذه الأسواق قوانين هيئات الأوراق المالية ومراقبة الشركات للحفاظ على حقوق المستثمرين وتعزيز الدور الذي تلعبه هذه الأسواق في أداء الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة. وكان لافتاً خلال الأسبوع إعلان بعض الأسواق المالية في المنطقة عن تخلف أو عدم التزام من قبل كثير من الشركات المساهمة العامة المدرجة، بالمهل المحددة لانعقاد الجمعيات العمومية السنوية لمساهميها، إضافة إلى عدم التزام مماثل بمهل الإفصاح عن نتائج الربع الأول من العام الحالي. وبلغ عدد الشركات التي لم تلتزم بالفترة المحددة لانعقاد الجمعيات العمومية في سوق عمّان المالية، مثلاً، 71 شركة تشكل 23 في المئة من إجمالي عدد الشركات المدرجة في السوق، علماً أن الفترة المحددة لانعقاد الجمعيات العمومية السنوية تتراوح في أسواق المنطقة بين ثلاثة وأربعة أشهر تنتهي في آخر آذار (مارس) أو نيسان (أبريل) من كل عام، وهي فترة زمنية طويلة وأكثر من كافية في ظل تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة التي سهلت عمليات أعداد البيانات المالية وتبويبها، إضافة إلى تسهيل انعقاد الجمعيات العمومية. وبالتالي لا توجد مبررات موضوعية أو منطقية لعدم الالتزام، إذ لوحظ في المقابل انعقاد الجمعيات العمومية لبعض الشركات خلال آذار أي بعد مرور شهرين على بداية السنة المالية. لا شك في أن لانعقاد الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين في أوقاتها ومن دون تأخير، أثراً إيجابياً مختلفاً. فهذه المرحلة هي من أهم المناسبات للشركات المساهمة نظراً إلى قوة صلاحياتها، باعتبارها أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات ويتم خلالها اطلاع المساهمين على التطورات ومؤشرات الأداء والربحية ومصادرها، ومؤشرات النمو والملاءة المالية ومصادر التدفقات النقدية. يضاف إلى ذلك الخطط المستقبلية والصعوبات أو العوائق التي تواجه هذه الشركات، وغيرها من المعلومات التي تساهم في احتساب الأسعار العادلة للأسهم. واتخذت خلال جمعيات عمومية كثيرة في المنطقة، قرارات بعزل أعضاء مجالس الإدارة أو الإدارة التنفيذية بعد ثبوت فشلهم في الحفاظ على حقوق المساهمين واستثماراتهم. وأوجد التخلف أو عدم الالتزام من قبل شركات كثيرة في المنطقة بالمواعيد المحددة لإفصاحها عن نتائج الربع الأول من العام الحالي، بيئة خصبة للإشاعات وفجوة كبيرة بين الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة وأسعارها السوقية. فالإفصاح عن نتائج أداء الشركات كل ثلاثة أشهر يساهم في ربط أسعارها في السوق بتطور أدائها، ما يؤثر إيجاباً في كفاءة السوق ونضج القرارات الاستثمارية سواء بالبيع أو الشراء. كذلك يساهم الالتزام بمواعيد الإفصاح في تعزيز عدالة الحصول على المعلومات لكل شرائح المساهمين والمستثمرين. ويعمد الاستثمار الأجنبي عادة عند الدخول في أي سوق، إلى التأكد من التزام الشركات المدرجة بقوانين الشركات وقوانين هيئات الأوراق المالية، إذ يؤدي هذا الالتزام إلى انخفاض مستوى أخطار الاستثمار في هذه الأسواق. ويعتبَر ضعف العقوبات التي تفرضها الجهات الرقابية على عدم الالتزام بتطبيق القوانين، من أسباب تلكؤ عدد كبير من الشركات أو تخلفها عن الالتزام بالمواعيد المحددة. ونظراً إلى الأثر السلبي لهذا التخلف في أسعار أسهم الشركات المدرجة وكفاءة الأسواق المالية، وبالتالي في الاقتصاد الوطني، من الضروري تشديد العقوبات بما يتناسب مع الأخطار الناتجة من عدم الالتزام بالقوانين. مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»