لعبت الأسواق المالية في المنطقة دوراً مهماً لسنوات طويلة في توظيف مدخرات المستثمرين من مختلف الشرائح، وساهمت في الوقت ذاته مساهمة فاعلة في تمويل العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، سواء من خلال طرح أسهم شركات مساهمة عامة جديدة أو تمويل زيادة في رؤوس الأموال الخاصة بشركات قائمة. ولعبت هذه الأسواق دوراً مهماً أيضاً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، الفردية والمؤسسية، التي كانت لها مساهمة جلّى في تعزيز الاقتصادات الوطنية ودعم موازين المدفوعات وأسعار صرف العديد من العملات المحلية، إذ وصلت نسبة مساهمة الجانب في سوق الأردن المالية مثلاً، إلى 50 في المئة، وفي سوقي الإمارات إلى 30 في المئة. وتجاوزت قيمة الأسهم في السوق الناتجَ المحلي الإجمالي في كثير من اقتصادات المنطقة، وهو مؤشر مهم على الدور البارز الذي تلعبه الأسواق المالية والشركات المدرجة والقطاع الخاص في دعم الاقتصاد المحلي. وأصبحت الأسواق المالية مخزن الثروة بالنسبة إلى شريحة كبيرة من مواطني دول المنطقة، وبالتالي، فإن تعزيز الثقة في الاستثمار في السوق المالية هو بمثابة حماية للاقتصاد المحلي. وتُعتبر حماية حقوق المساهمين في الشركات المدرجة جزءاً من حماية الاقتصاد المحلي، وتندرج من ضمن القوانين والأنظمة والتعليمات المعنية، وتقع على عاتق الجهات المسؤولة عن تطبيق هذه القوانين والأنظمة والتعليمات، مسؤوليةُ التأكد من التطبيق السليم. وتتحمل مجالس إدارة الشركات ومسؤولوها المنتخبون من قبل المساهمين، مسؤوليةَ مراقبة أداء الشركات ووضع الخطط الإستراتيجية لها ومراقبة اتخاذ القرارات التي تضمن عدم تعرض الشركات لأخطار الائتمان والتشغيل والسيولة وغيرها. وثمة جهة مسؤولة عن حماية حقوق مساهمي الشركات، هي المدققون المحاسبيون الخارجيون، الذين يُختارون من قبل المساهمين. وعلى هذا الخيار أن يستند إلى معايير المهنية والنزاهة والمصداقية، حتى يُخطِر المدققون المساهمين بأي مخالفات أو استغلال للمسؤوليات تؤثّر في أداء الشركات وحقوق المساهمين وأسعار الأسهم. وتُعتبر هيئة الأوراق المالية في كل بلد من الجهات الرقابية المهمة، فهي تتولى مراقبة تداولات الأسهم في الأسواق المالية وحفظ حقوق المتعاملين في الأسواق ومتابعة التزام الشركات بالإفصاح الفوري عن أي معلومات مهمة تؤثّر في أحجام العرض والطلب الخاصين بأسهم هذه الشركات وأسعارها. وتتابع الهيئة إفصاح الشركات عن بياناتها المالية كل ثلاثة أشهر لترشيد قرارات المستثمرين في الأسهم، كما تساهم في رفع مستوى الوعي الاستثماري ومكافحة ال شائعات واستغلال المعلومات الداخلية من قبل أعضاء مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية بما يضمن توافر المعلومات المهمة للجميع. وتبرز جهة رقابية مهمة، تتمثّل في دائرة مراقبة الشركات في وزارة الاقتصاد والتجارة في البلد المعني، وهي مسؤولة عن متابعة تطبيق القوانين المختلفة المتعلقة بالشركات، إضافة إلى حضور مسؤوليها الاجتماعات السنوية للمساهمين، أي الجمعيات العمومية السنوية، التي تُعتبر أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات. ومنحت القوانين المساهمين الحق بعدم إبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارة أثناء انعقاد الجمعيات العمومية وحق عزل رئيس مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والأعضاء فيهما بما يتفق ومصلحة الشركة ومصالح مساهميها، في حال شعر هؤلاء بأن المعنيين لا يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والمهنية الكافية. * مستشار الأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»