تؤدي سيطرة سيولة الأفراد المضاربين على حركة أسواق المال في المنطقة في مقابل ضعف الاستثمار المؤسسي (استثمار المؤسسات والشركات وصناديق الاستثمار وغيرها) إلى موسمية النشاط في هذه الأسواق. ويلاحَظ تالياً تراجع قيمة تداولات الأسواق خلال رمضان المبارك بسبب انشغال المستثمرين والمضاربين الأفراد بالواجبات الدينية والاجتماعية بالتزامن مع انخفاض عدد ساعات الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. وتتراجع عادة في شهر الصوم قيمة التداولات بنسبة كبيرة في الأسبوع الأول والأسبوع الأخير، بينما تنشط الأسواق خلال الأسبوعين الثاني والثالث من الشهر. وتنخفض أيضاً قيمة التداولات خلال الصيف بسبب سفر نسبة مهمة من المستثمرين والمضاربين لقضاء الإجازات الصيفية على رغم ان وسائل التكنولوجيا الحديثة والتداول الإلكتروني سهلت عملية متابعة حركة الأسواق من أي مكان يتواجد فيه المستثمرون سواء داخل المنطقة أو خارجها، وسهلت كذلك عملية اتخاذ قرارات الاستثمار سواء بالبيع أو الشراء. ويتراجع أيضاً حجم التداول قبل إجازات الأعياد وفي نهاية الأسبوع وبعد توزيع الأرباح السنوية وبعد الإفصاح الدوري (كل ثلاثة أشهر) الذي فرضته هيئات الأوراق المالية لربط أسعار أسهم الشركات بمستوى أدائها خلال العام. وفي المقابل، فإن الاستثمار المؤسسي، بعكس الاستثمار الفردي، لا ترتبط قراراته الاستثمارية بمواسم معينة بمقدار ارتباطها بتوافر الفرص الاستثمارية المختلفة خلال العام. ويلاحظ خلال رمضان التزام عدد كبير من المضاربين في أسواق المنطقة بأخلاق التعامل في الأسواق لجهة وقف الإشاعات التي تهدف إلى خلق طلب أو عرض مصطنع في ما يخص أسهم بعض شركات المضاربة بهدف تحقيق مكاسب سريعة، إلى جانب الالتزام بعدم تضليل صغار المضاربين من خلال طلبات أو عروض بيع وهمية تؤدي إلى تعرضهم إلى خسائر استثمارية. وإلى جانب ذلك، يلتزم عدد كبير من أعضاء مجالس إدارات الشركات والإدارات التنفيذية بعدم استغلال المعلومات الداخلية غير المفصح عنها واتخاذ قرارات شراء أو بيع تحقق لهم مكاسب وغيرها من الممارسات السلبية والتي تؤثر في صدقية وعدالة الأسواق بينما يفترض بإدارات الشركات المساهمة العامة خلال هذه الفترة إذ يتزامن حلول رمضان مع بداية إفصاحات الشركات عن نتائج أعمالها ومستوى أدائها عن فترة الربع الثاني والنصف الأول من العام التزاماً بعدالة الحصول على المعلومات لشرائح المستثمرين والمساهمين كلها وعدم تفضيل أي جهة أو فئة بالحصول على هذه المعلومات على حساب باقي المساهمين والمتعاملين. وتساهم عدالة الحصول على المعلومات في رفع مستوى الثقة في الأسواق ورفع مستوى كفاءتها، كما ان الإسراع في الإفصاح خلال هذه الفترة مع الالتزام بجودة المعلومات المفصح عنها يساهم في رفع حجم التداول في الأسواق، سواء من قبل المستثمرين في الأجل البعيد أو من قبل كبار المضاربين. وتساهم هذه الإفصاحات في إعادة ترتيب محافظهم استناداً إلى تطورات مستوى الأداء، إضافة إلى مساهمة هذا الإفصاح في ترشيد قرارات معظم شرائح المستثمرين وردم الفجوة بين الأسعار العادلة وأسعار السوق لأسهم الشركات المدرجة، كما ان جودة الإفصاح وتوقيته يعززان من تدفقات الاستثمار الأجنبي باعتباره يعكس نضج الأسواق وكفاءة بيئتها الاستثمارية وعدالتها. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»