يقاوم المغني المصري الشاب جوني كل الإغراءات والمسمّيات ويتحاشى الوقوع في مصيدتها، من الإنتاج الغنائي التجاري إلى ما يسمى الفن المستقل، فهو يرى الفنان برحابته الإنسانية وتجربته الفنية الأصدق والأقرب والأكثر تعبيراً، لكن ذلك يتطلب مزيداً من الجهد والصبر. وفي حفلة أقيمت في ساقية الصاوي ومن ثم أخرى في المسرح المكشوف لدار الأوبرا في القاهرة، أطلق جوني أحدث ألبوماته «تعويذة» الذي يتميز بنمط موسيقي يختلف عما قدمه سابقاً. ويقول: «أسير بخطى قد يراها البعض بطيئة نوعاً ما، وجمهوري صغير لكنه يتزايد مع كل حفلة وكل خطوة. لا أسعى الى نجاح سريع مع أغنية أصورها فيديو كليب وتشتهر لفترة ثم تفسح في المجال لغيرها». جوني الطبيب القادم من عائلة تمتهن الطب، بدأ الغناء عام 2002 مكوناً مشروعاً فنياً مع زميله الشاعر انطونيوس نبيل. واجه صعاباً في فهم الوسط أو المجال الفني وقام بالدعاية والعلاقات العامة، وأصدر أول ألبوم له بعنوان «مطر عطشان» من إنتاجه الخاص عام 2009. ويقول عن هذه التجربة إنها مغامرة. ومع عدم تحقيق الألبوم النجاح المتوقع، حاول البعض أن يرميه في حالة الإحباط. لكن جوني بعد حفلات عدة في بيت السحيمي وبعض المراكز الثقافية قدم البومه الثاني «آخر نقطة شمس» الذي صدر أواخر 2010 وكان له صدى في الأوساط الشبابية، خصوصاً الجامعات والنوادي. ومع ثورة 25 يناير قدم مجموعة أغانٍ مثل «كمين» و «مشروع شهيد» وأخرى تحمل معاني قوية وصادم. لكن جوني لم ينصّب نفسه مغنياً للثورة أو إنخرط في هذا الائتلاف أو ذاك، بل حافظ على وجوده كفنان، يعبر عن حدث مهم في تاريخ وطنه دون أن يدعي لنفسه بطولة أو مجداً، فهذه المشاركة يراها طبيعية وعادية ولا تحتمل أكثر من ذلك. ولم يقف أمام الثورة كحدث طويلاً، وإنما راح يعمل على مجموعة أغانٍ متنوعة شكلاً ومضموناً منها الرومنسي، لكن بشكل مختلف حيث يتماهى الحب والعشق مع صورة الوطن. ونتج من هذه التجربة ألبوم ثالث هو «مترو» 2012. وتستلهم أغنية «لمستك في الضلمة نور» جانباً مغيباً من التراث وهو الألحان الجنائزية الفرعونية، و «رصيف روحي» وهي مزيج من لحن قبطي وفولكلور فلسطيني. على الدرب ذاته، يعمل جوني على تطوير أغانيه ومشروعه في شكل تراكمي ويضعه على الطريق الذي آمن به منذ البداية، بحكم تكوينه ورؤيته للفن. وقد عرج إلى قالب الموشح مجدداً في شكله فغير الأوزان والقوافي برؤية الموسيقي محمد يسري، فخرج موشح «سيفا تخضب بالسنا». دخل جوني في عدة «دويتوات» مع عدد من المطربات، منهم الفلسطينية عبير حنصور في «معنى الحكاية». وهي تجربة مزجت بين الفصحى من أشعار المتنبي وأشعار عامية لانطونيوس. كما شاركت معه إيمان فؤاد في أغنية «اضرب صحوبية» و»نخلق وطن»، ومريم حلمي في «عمود النور». ويعمل جوني على عمل فريد، إذ بدأ ترجمة أشعار للأميركي آلن أدغار بو، ومن ثم جزء من معلقة عنتر، ويليهما جزء بالعامية، لتشكل الأجزاء كلها حالة واحدة عن وجود الإنسان.