فجأة ظهرت ملائكية الوسط الرياضي وطُهره، وأصبح مجتمع فضيلة وصلاح، وتغيّر مسار جميع المنابر الإعلامية المسؤولة عنه إلى محاضرات في الوعظ والإرشاد ونصائح للضالين، ودعوات لرأب صدع الأمة التي يوشك أن يتشتت شملها ويتفرق جمعها. كل تنكر لماضيه وسقطاته، ونسي أو تناسى دوره في احتقان الجماهير، وتمرير ما يريد عبر مقالات أو رسوم كاريكاتورية مغرقة في العنصرية والتعصب، بالإمكان العثور عليها بمجرد أن يفتح ال«يوتيوب»، أو يرجع لأرشيف الصحف، إذ ينكشف الواقع المؤلم للإعلام الرياضي الذي ظهرت عليه سمات الورع والتقوى أخيراً. طرفا نقيض كل يدعي الظلم ولديه من الحجج ما يثبت به براءته من تهم العنصرية البغيضة والتعصب المقيت يعرضها مدعمة بالصوت والصورة، وهناك من تجاوز حدوده، وقرر العقوبات المستحقة، وأصبح يضغط لتطبيقها على خصمه كأنه يبيت ثأراً، وحانت الفرصة لتنفيذه، حتى توقعنا أن يطلب البعض تدخل الأممالمتحدة وإرسال قوات لفض الاشتباك لإنقاذ الأبرياء، خصوصاً بعد أن تدخلت جمعيات لحقوق الإنسان ليست جهات حكومية في هذا الجانب، ووضح للجميع أن تدخلها فقط كان دفاعاً عن الميول والألوان في وقت كانت فيه لا تهش ولا تنش في كل قضايا المجتمع، وآخرها طرد الأيتام من الملعب لأسباب واهية، فلم تصدر بياناً، أو يخرج أي عضو فيها بتصريح يندد بما جرى، أو يعد بتقديم أي دعم معنوي ونفسي، وهذا هو الدور الذي يفترض أن تقوم به حقوق الإنسان. ولو عدنا للوراء قليلاً، لوجدنا أن الجميع ولغ في وعاء التعصب والعنصرية، قل ذلك أو كثر منهم. والتاريخ يشهد أن اتحاد كرة القدم السعودي ولجانه المسؤولة عن الضبط في الملاعب هم أول الوالغين، وسبب ما يحدث الآن فقد ظلت صامتة طوال 5 سنوات إن لم يكن أكثر عن مواويل القذف والعنصرية التي أصبحت بعض روابط المشجعين تتغنى بها في شكل سافر وبحرية من لا يخشى العقاب كما تجاهل الاتحاد ولجانه كل ردات الفعل الإعلامية المتعقلة التي استنكرت في حينها ردح المدرج وحذرت من تبعاته وعواقبه المستقبلية وطالبت بردع المبتدعين فيه بالعقوبات القاسية، لكنهم كانوا للأسف أذناً من طين وأخرى من عجين بل وجد المدرج من يبررله بقوله: «إنه لا يمكن السيطرة على حناجر الجماهير وهو تصريح لهم بالمضي ومواصلة البذاءة، فنمت وسرت في الملاعب حتى تجاوزت الحدود. لا أقول هذا تبريراً لما قيل في مدرج الهلال من هتافات حتى لو كانت في لحظة انفعال، ولكن عدم وجود نظام صريح ولائحة حادة ترى الجميع سواسية وتطبق العقوبات عليهم من دون خوف من مسؤول أو مراعاة لميول آخر هو من شجع على ذلك. فإن أريد بتر العنصرية والقذف من جذورهما، فليفتح الجميع صفحة جديدة أساسها الاحترام ولتغلظ العقوبات ليس على الأندية وجماهيرها فقط، بل حتى على وسائل الإعلام، وأن يكون ذلك جنباً إلى جنب مع توعية مكثفة، شرط ألا يقوم بها من تدنست بها أيديهم وألسنتهم. [email protected] Qmonira@