تسعى قيادات بارزة في حزب الغالبية الجزائري «جبهة التحرير الوطني» إلى إرجاء الفصل في هوية خليفة الأمين العام للحزب المنتهية ولايته عبدالعزيز بلخادم إلى حين عودة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من رحلة العلاج في الخارج، في محاولة لعرقلة وصول عمار سعداني الذي يُعتقد بأن بوتفليقة يزكيه. وبذلك يكون مرض الرئيس ترك أثره في الحياة الحزبية بعد أن قلب موازين الخلافة في الرئاسيات المقررة العام المقبل. وانقسمت اللجنة المركزية في حزب الغالبية إلى مجموعات يتوق كل منها لتمكين مرشح لخلافة بلخادم، ما أدى إلى استقطاب بين أنصار سعداني ومحمد بوخالفة. ويعتقد بأن إصابة بوتفليقة بنوبة صحية مفاجئة أبعدته من متابعة الشأن اليومي بسبب تواجده في فرنسا للعلاج، قلصت حظوظ سعداني، وهو رئيس سابق للبرلمان، بعدما أشار إليه بوتفليقة باعتباره المرشح الأفضل لخلافة بلخادم على حساب بوخالفة. لكن قيادات بارزة سعت إلى إرجاء دورة اللجنة المركزية التي كانت ستفصل لصالح سعداني بمجرد أن نقل بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج. ويبدو أن أزمة الخلافة فرقت «جبهة التحرير» إلى ثلاثة أجنحة متصارعة حول أمور تنظيمية تحاول إغراق الحزب في دوامة إشكاليات قانونية في غياب مرشح إجماع بعد وفاة عبدالرزاق بوحارة، ما يعني أن «الكتلة الصامتة» قد تفرض خيارات جديدة أو تدفع أحد الأجنحة للتحالف معها. ولمح وزير الداخلية دحو ولد قابلية إلى عدم رغبة الحكومة في التدخل في ما يجري داخل الحزب، رغم أن تاريخ الحكومة حافل بالتدخلات في شؤون أحزاب أخرى. وقال إن الوضع الذي يشهده الحزب يتعلق ب «نزاع داخلي تمت تسويته بطريقة رصينة». وأوضح أن «القانون يخول لوزير الداخلية التدخل في مثل هذه الحالات حين يكون هناك خطر حدوث اضطرابات»، مالم يتوافر في حال «جبهة التحرير». وامتدت الأزمة في الحزب إلى هياكل البرلمان. ولم تجتمع الكتلة البرلمانية للحزب منذ نحو ثمانية أشهر كاملة، وهي إحدى أطول المراحل التي يسجل فيها حزب الغالبية غيابه عن تسيير الشأن العام. ويسير عبدالرحمان بلعياط عن جناح بلخادم مكتب الجبهة منذ الدورة السادسة للجنة المركزية التي شهدت إبعاد بلخادم. وتعرض بلعياط قبل مرض بوتفليقة لضغوط مستمرة للإسراع باستدعاء الدورة الطارئة للجنة في أقرب وقت من الجناح المؤيد لترشيح سعداني الذي شرع في توزيع العضوية في المكتب السياسي على مسانديه. وسعى الوزير الأول عبدالمالك سلال أول من أمس إلى طمأنة الجزائريين على الوضع الصحي لبوتفليقة. وقال: «كونوا على يقين بأن رئيس الجمهورية بصحة جيدة، وهو يتابع يومياً الملفات والقضايا التي تهم الوطن». إلا أن التطمينات المستمرة للحكومة لا يبدو أنها تلقى تجاوباً من عصب الأحزاب الموالية لها، خصوصاً بسبب حال الترقب التي تعيشها «جبهة التحرير الوطني» وتنسحب على الحكومة نفسها والأجهزة المتفرعة عنها وتؤذن بتغيير مهم.