لم ينه إعلان اللجنة المركزية لحزب الغالبية الجزائري «جبهة التحرير الوطني» سحب الثقة من الأمين العام عبدالعزيز بلخادم أزمة الحزب، بل أدخله في «متاهة» تنظيمية جديدة برفض بلخادم إنهاء دورة اللجنة من دون انتخاب خلف له وقراره الترشح مجدداً للأمانة العامة، ما خلط الأوراق وأربك خصومه، بانتظار «إشارة» من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن تفضيلاته. ولم يشأ بلخادم ترك خصومه يتلذذون بالنصر الذي حققوه عليه في الانتخاب السري الذي جرى أول من أمس وانتهى إلى سحب الثقة منه بفارق أربعة أصوات، إذ فاجأ أعضاء اللجنة المركزية صباح أمس بدخوله قاعة الدورة واعتلائه المنصة، طالباً من اللجنة استكمال جدول الأعمال بانتخاب أمين عام جديد مثلما كان مقرراً في وقت سابق، تنفيذاً لوعده بأنه لن يترك الجبهة «في أزمة على بياض»، أي من دون قيادة. لكنه ذهب بعيداً في خلط الأوراق بإعلانه الترشح مجدداً لمنصب الأمين العام. ولا يوجد نص قانوني في النظام الداخلي للحزب يمنعه من الترشح، ما يوضع عقبة في طريق أي مرشح يختاره الفريق الآخر، فهو ضمن على الأقل 156 صوتاً إلى جانبه، ويراهن على تفتيت أصوات الفريق الأخر الذي لم يتفق على مرشح واحد. ويسود خلاف عميق داخل الفريق المعارض لبلخادم الذي لم تجمعه سوى الرغبة في إطاحة الرجل، ويتكون من فريقين على الأقل أولهما «الحركة التقويمية» والثاني من مجموعة الوزراء والمحيطين بهم. ولم يلق اسم عبدالرزاق بوحارة (83 سنة) أي إجماع بينهم. وقال عضو اللجنة المركزية عبدالحميد سي عفيف: «إنهم يريدون فرض الشيوخ علينا». وحتى اسم وزير النقل عمار تو لا يحظى بإجماع كامل، بما أن عامل «الجهوية» فاعل في شكل كبير في صناعة هياكل «جبهة التحرير الوطني» وهو تقليد راسخ منذ الاستقلال. ويحسب عمار تو على غرب البلاد، ما يثير حفيظة ما يسمى «فريق الشرق». أما «التقويمي» الصالح قوجيل فلا يحظى بإجماع كاف بسبب تقدمه في السن، ما يحول الأنظار إلى عمار سعداني الذي يتحدر من ولاية وادي سوف في الجنوب الشرقي وهو رئيس سابق للبرلمان. لكن المؤكد أن أجنحة «جبهة التحرير» المتصارعة على الخلافة تترقب «فتوى الجهات العليا» كما سماها بعض القياديين، إذ جرت العادة على أن يشير رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة باعتباره رئيساً شرفياً للحزب إلى شخصية ما، ليتم التصويت عليها في انتخابات متوقعة في الأيام المقبلة. واشترط بلخادم أمس تنظيم انتخابات جديدة قبل رفع دورة اللجنة المركزية، وترأس الجلسة الصباحية ما جعل المعارضين ينسحبون من القاعة بحكم أن «الأمين العام السابق ليست له صلاحية تسيير الجلسة». واحتجوا أيضاً على أن المحضرة القضائية حضرت الجلسة الصباحية وطلبت من بلخادم ترؤس الجلسة رغم أن «مهمتها انتهت بمجرد إعلانها حالة شغور منصب الأمين العام». ودعا بلخادم إلى تشكيل لجنة ترشيحات بحضور المحضرة القضائية في وقت قرر معارضوه الاجتماع لاتخاذ موقف للمشاركة من عدمها في أعمال الجلسة المفتوحة. واقترح معارضو بلخادم أن تبقى دورة اللجنة المركزية مفتوحة للتشاور على طريقة تسيير الحزب في انتظار انتخاب أو تعيين بالتوافق لأمين عام جديد. وتصر المعارضة على تشكيل مكتب يدير الدورة التي تبقى مفتوحة حتى انتخاب أمين عام، بينما طالب مؤيدو بلخادم بتشكيل لجنة لانتخاب الأمين العام خلال هذه الدورة. ويشير مصدر قريب من المعارضين إلى أنه «تم تشكيل مكتب إدارة الدورة المفتوحة ويتكون من 8 أعضاء من المعارضين والمؤيدين»، مشيراً إلى أن «المكتب هو الذي سيحدد تاريخ استئناف الأشغال وكذلك إمكان تشكيل لجنة لاستقبال الترشيحات لمنصب الأمين العام الجديد للحزب».