زادت المخاوف في باكستان من يوم انتخابي دموي اليوم، بعدما دعت حركة «طالبان باكستان» الناخبين الى مقاطعة الاقتراع. وتسربت أنباء عن توجيهات أعطاها حكيم الله محسود زعيم الحركة إلى كوادرها في كل المناطق الباكستانية، ليكونوا جاهزين للتضحية بأنفسهم من أجل منع إجراء الانتخابات البرلمانية التي وصفها بأنها «جزء من النظام الديموقراطي الكافر». ونقلت مصادر إعلامية باكستانية عن محسود دعوته أتباعه إلى شن هجمات انتحارية على مراكز الاقتراع والمرشحين، في ختام حملة انتخابية تخللتها الهجمات الأعنف ل «طالبان»، ما أسفر عن سقوط 119 قتيلاً ومئات الجرحى. وناشد الناطق باسم «طالبان باكستان» إحسان الله إحسان «جميع المسلمين في البلاد مقاطعة الانتخابات». وقال: «إذا أردتم الحفاظ على أرواحكم وحياتكم عليكم الابتعاد عن مراكز الاقتراع وأماكن وجود المرشحين، وعليكم مقاطعة الانتخابات التي تقام وفق نظام كافر لا يحكم بما أنزل الله». يأتي ذلك بعد شن «طالبان باكستان» عدداً من الهجمات على مراكز اقتراع لحزب الشعب في مدينة كويتا في بلوشستان ومدينة ميران شاه في شمال وزيرستان حيث وقع تفجيران في السوق الرئيسي في البلدة التي يخوض فيها مرشحون حملة انتخابية رغم تحذيرات الحركة. وقتل بتفجيري ميران شاه خمسة أشخاص، وجرح 22، فيما أعلنت الحركة أنها هاجمت نقطة تفتيش لقوى الأمن في مديرية كورام القبلية وقتلت ثلاثة من رجال الأمن. وأكد الجيش الباكستاني إنه هاجم مواقع لمسلحي الحركة في المنطقة، وتمكن من قتل تسعة منهم وجرح آخرين. في المقابل، أعلنت لجنة الانتخابات أنها تمكنت من توزيع كل صناديق الاقتراع على أكثر من 85 ألف مركز. وأشارت إلى أن بطاقات التصويت وصلت إلى كل المراكز التي عزز الجيش ورجال الشرطة وجودهم حولها، فيما يخشى تسلل انتحاريين لتفجيرها. وأتت التعزيزات الأمنية بعد انتقاد لجنة الانتخابات العامة الخطة التي وضعتها قيادة الجيش بالتعاون مع إدارات الشرطة والدرك في كل المناطق. من جهة أخرى، انسحب مرشحان عن حزب حركة المهاجرين القومية في إقليم بلوشستان لمصلحة مرشحَين تابعَين لزعيم «حركة الإنصاف» التي يتزعمها نجم لعبة الكريكت السابق عمران خان، في ما وصف بأنه صفقة الساعات الأخيرة قبل التصويت. وكان خان ألقى خطاباً نارياً من سريره في مستشفى في لاهور حيث يعالج من جروح بعد زلة قدم، وحض الناخبين على الإقبال على صناديق الاقتراع لإحداث التغيير الشامل في البلاد، بإيصال من وصفهم ب»المرشحين النظيفين» بدلاً من ممثلي الأحزاب الأخرى. ورأى مراقبون في ذلك محاولة لاستهداف حزب الرابطة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي رجّحت الاستطلاعات كفته. وانتقدت «الرابطة» ما وصفته بتحالف خفي بين عمران خان والرئيس آصف زرداري والأحزاب الموالية له، ضد نواز شريف وحزبه. وأشارت إلى أن مسؤولين موالين لزرداري ساندوا حملة عمران خان ضد نواز شريف في لاهور ومدن أخرى. ورأى مراقبون أن زرداري وحلفاءه يدعمون خان على أمل التحالف معه لتشكيل حكومة والحيلولة دون وصول نواز شريف إلى السلطة. وثمة تكهنات بوجود دعم من الجيش لمثل هذا التوجه لمنع وصول شريف إلى رئاسة الوزراء، نظراً إلى ماضي التوتر في علاقته مع المؤسسة العسكرية. لكن قائد الجيش الجنرال أشفاق برويز كياني أكد حياد المؤسسة العسكرية وضمانها نزاهة الانتخابات ورغبتها في «تعميق المسيرة الديموقراطية في البلاد، بما يخدم استقرارها وانتشالها من أزماتها الأمنية والاقتصادية المتفاقمة».