اتهم وزير الداخلية الباكستاني رحمن ملك الجماعات المسلحة وفي مقدمها حركة «طالبان - باكستان» بإذكاء نار العنف الطائفي وتخزين السلاح من أجل شن هجمات جديدة في الأيام المقبلة. وطالب ملك بمنع المسيرات الدينية والاجتماعات الحاشدة في الأماكن العامة خشية تعرضها لأحداث عنف، كالتي وقعت خلال الأسبوع الماضي في لاهور وكويتا، وأسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. وبدأت الحكومة الباكستانية تخشى من تآكل شعبيتها وانحسار التأييد لها بعد فشلها في تقديم المساعدات الضرورية للمتضررين من الفيضانات، وعدم الثقة المتزايدة في أدائها، ما قد يساهم في توظيف المعارضة مثل هذه الثغرات لإسقاط الحكومة والعمل على إجراء انتخابات برلمانية، قد تؤدي إلى فوز نواز شريف وحزبه «الرابطة الإسلامية» بغالبية كاسحة. وكانت جهات مقربة من الجيش اتهمت مسؤولين في الحكومة المحلية في إقليم بلوشستان بالتقصير والتسبب في الحادث الذي أودى بحياة عشرات من المشاركين في مسيرة تضامنية، كما سقط مئات الجرحى قيل إن إصابات بعضهم خطرة. وجاء في الإتهام أنه يجب محاسبة قادة في الأجهزة الأمنية في كويتا لسماحهم بالمسيرة، في وقت تعاني فيه البلاد من مأساة إنسانية وبعد يومين من حادثة التفجير الدموية في لاهور. كما تخشى الحكومة من تحذيرات أطلقتها «طالبان - باكستان» باستهداف بلدان أوروبية والولايات المتحدة، بعد تبنّي الحركة عمليتي لاهور وكويتا. وبحسب محللين فإن حكيم الله محسود زعيم الحركة وأتباعه باتوا يعتقدون بأنهم مستهدفون من كل الجهات، وذلك بعد اتهام واشنطن رسمياً محسود بالتسبب في مقتل عدد من ضباط الاستخبارات الأميركيين في خوست، حين نفذ همام خليل البلوي المدعو «أبو دجانة الخراساني» (أردني الجنسية) عملية انتحارية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، سقط فيها أحد كبار ضباط الاستخبارات الأردنية و7 من كبار مسؤولي «سي أي إي» عن ملف تنظيم «القاعدة» وأسامة بن لادن. وبحسب الدكتور شير ولي مدير مركز دراسات المنطقة القبلية الباكستانية، لا ينقص مقاتلي «طالبان باكستان» الواعز لشن هجمات انتحارية في أي مكان، خصوصاً أن مثل هذه الهجمات لا تحتاج إلى كثير من التمويل والإعداد، في ظل الترهل الأمني للأجهزة الحكومية وفشل إداراتها في حماية المواطنين، وسهولة تنقل المقاتلين بين المدن الباكستانية. على صعيد آخر، صعّد زعيم المعارضة نواز شريف انتقاداته للحكومة، واصفاً إياها بالفاشلة خصوصاً في توزيع المساعدات على المتضررين من الفيضانات. وكان وزراء في حكومة الرئيس آصف علي زرداري طالبوا بالتحقيق حول ادعاءات مسؤولين كبار، هم من الإقطاعيين، بتحويل مياه الفيضانات عن أراضيهم ما تسبب في إغراق مئات القرى في إقليمي السند وبلوشستان، ومن دون إخطار سكانها بوجوب إخلائها. واعترف مسؤولون، ومنهم مندوب باكستان الدائم في الأممالمتحدة عبدالله هارون بمسؤولية عدد من كبار الإقطاعيين بينهم ثلاثة من وزراء حكومة زرداري، عن هذه «الجريمة» ما زاد من توتر الأوضاع. كما تزايد الحديث عن إمكان إخضاع البلاد لأحكام عرفية في ضوء دعوة ألطاف حسين زعيم حركة المهاجرين القومية، المقيم في لندن منذ 18 عاماً، إلى إقامة حكم عسكري لمدة لا تقل عن 10 سنوات، ينقذ البلاد مما هي فيه من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية، وذلك بعد فشل الحكومة الحالية في وضع حد للعنف والتدهور الاقتصادي.