في تصعيد غير مسبوق، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مفتي القدس والأراضي الفلسطينية محمد حسين لست ساعات صباح أمس، وحققت معه في دوره في المواجهات التي اندلعت أول من أمس بين مصلين وبين زوار يهود متطرفين ورجال شرطة إسرائيليين حول المسجد الأقصى المبارك في البلدة القديمة في القدسالمحتلة. وتم الاعتقال قبل ساعات من إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري نيته زيارة المنطقة في 21 و22 الجاري، في إطار مساعيه لاستئناف مفاوضات السلام، وغداة أنباء إسرائيلية أفادت بأن نتانياهو أمر بتجميد الاستيطان في إطار تفاهمات مع كيري لإعطاء مساعيه السلمية فرصة. وكان المفتي اشتبك كلامياً مع ضباط إسرائيليين أول من أمس عندما احتج على سماحهم ليهود متطرفين بالدخول الى باحات الأقصى تحت حراستهم، ومنع المصلين وطلاب مصاطب العلم من الدخول، وإخراج المرابطين في المسجد بالقوة، علماً أن إسرائيل سمحت في اليومين الأخيرين لأعداد كبيرة من اليهود بالدخول الى الأقصى وممارسة طقوسهم وشعائرهم بحماية الشرطة ضمن احتفالات لمناسبة احتلال القدس العام 1967 أو ما يسمونه «إعادة توحيد القدس». على هذه الخلفية، أجج اعتقال المفتي المخاوف من نية مبيّتة لدى الاحتلال لتقسيم الأقصى بين اليهود والمسلمين على غرار ما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل. وأوضح مسؤول ملف القدس في حركة «فتح» حاتم عبد القادر: «إسرائيل تقسّم المسجد الاقصى زمانياً بيننا وبين اليهود، وهذه (الزيارات) ستكون مقدمة لتقسيمه مكانياً، مثلما جرى في الحرم الإبراهيمي». ولا تخفي اسرائيل مطامعها بتقسيم الاقصى تمهيداً للسيطرة عليه بهدف إعادة بناء «هيكل سليمان» المزعوم في مكانه، اذ أعلن مدير وزارة الأديان الإسرائيلية الحنان غلاة أن الوزارة ستسعى الى «تعديل قانون» من شأنه السماح لليهود بالصلاة في الأقصى. وقال خلال اجتماع لجنة برلمانية خصص لدرس هذا الموضوع بحضور ممثلين عن وزارات مختلفة: «نريد ان يتمكن اليهود الذين يريدون الصلاة في الموقع من ذلك». وتزيد مخاوف الفلسطينيين بسبب تركيبة الحكومة الاسرائيلية الحالية الجانحة نحو اليمين المتطرف، ومواقفها من قضية القدس، مثل تأكيد رئيسة اللجنة البرلمانية ميري ريغيف خلال الاجتماع أن «منع اليهود من الصلاة على جبل الهيكل هو تمييز لا يمكن احتماله وهرق لحرية العبادة». واضاف اليها العضو المتطرف في حزب «ليكود» موشيه فيغلين: «كيف نقبل بحقيقة انه ليس من حق اليهود الصلاة في المكان الاكثر قدسية بالنسبة اليهم؟». ولاقى اعتقال المفتي ردود فعل واسعة، كان أبرزها موقف البرلمان الاردني الذي دعا في بيان بالاجماع الى طرد السفير الإسرائيلي من عمان دانييل نافو واستدعاء السفير الاردني وليد عبيدات، واعادة النظر في اتفاق السلام مع اسرائيل، علماً ان الاردن هو المشرف على الاماكن المقدسة في القدس بحسب اتفاق وادي عربة وبموافقة السلطة الفلسطينية. وقال رئيس الوزراء عبدالله النسور امام النواب ان الحكومة تنظر بمنتهى الخطورة لما تقوم به اسرائيل في الاقصى، و»ستقوم اذا لزم الامر بمطالبة مجلس الامن بعقد جلسة طارئة ليقف عند مسؤولياته». من جانبه، طالب وزير الخارجية المصري محمد عمرو اسرائيل بالافراج فورا عن المفتي نظراً «لمكانته الدينية الرفيعة». والتقت بيانات الاستنكار الفلسطينية على الدعوة الى إطلاق المفتي، والتحذير من مخاطر اعتقاله وتداعياتها على المنطقة.