شهدت إندونيسيا انخفاضاً في معدل التضخم خلال نيسان (أبريل) الماضي ليبلغ 5.57 في المئة على أساس سنوي، بعدما انخفضت أسعار المواد الغذائية مع حلول موسم زراعة الرز، وبعد أن سهّلت الحكومة قوانين استيراد المواد الغذائية. وبعد هذا الانخفاض في الأسعار خفّت الضغوط قليلاً على البنك المركزي بعدما عانى من ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى معدلاته خلال السنتين الماضيتين، وبلغ إلى 5.9 في المئة على أساس سنوي في آذار (مارس) الماضي، ما فاق معدل التضخم المستهدف (3.5 - 5.5 في المئة). ووفق تقرير ل «الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية» فإن هذا الارتفاع في معدل التضخم أثار تساؤلات لدى المحللين عما إذا كان المصرف المركزي الإندونيسي سيتخذ إجراءات أكثر تشدداً خلال اجتماعه التالي هذا الشهر، ما يبدو الآن غير مرجّح مع الانخفاض النسبي في التضخم. وتبدو الحكومة الإندونيسية مستعدة لتطبيق سياستها بخفض الدعم على الوقود بهدف تقليص العجز المالي، وهي خطوة أجّلتها لفترة طويلة، لكنها إذا تبنتها فسيسبب ذلك ارتفاعاً في أسعار الوقود، وفي كلفة النقل، وبالتالي في أسعار السلع الاستهلاكية. وأشار التقرير إلى أن العجز التجاري المتزايد يخفض أيضاً سعر صرف الروبية الإندونيسية التي تراجعت العام الماضي ستة في المئة، وفقدت حتى الآن أكثر من واحد في المئة من قيمتها، ما يجعل الواردات أكثر كلفة، ويرفع التضخم. وتشمل سلة «مؤشر أسعار التجزئة»، المواد الغذائية والمواصلات والسكن والخدمات والنشاطات الترفيهية. وفي إندونيسيا، وكما هي الحال في الدول النامية الأخرى، يشكل الإنفاق على المواد الغذائية أكثر من ثلث السلة، ولهذا يؤثر ارتفاع أسعارها بشدة في التضخم. ولتفادي التضخم، يمكن للهيئات النقدية اتخاذ قرار برفع أسعار الفوائد ما يؤثر مباشرة في قدرة الإنفاق الفردي. وبالتالي، برفع أسعار الفائدة، يرفع المصرف المركزي كلفة الاقتراض، ما يدفع الأفراد إلى تقليل اقتراضهم، وبالتالي تقليل الإنفاق. أما خفض أسعار الفائدة، فيزيد النشاط الاقتصادي عن طريق تشجيع الاستهلاك. ويتوقع أن يعقد المصرف المركزي اجتماعه المقبل في 14 الجاري، وبينما تخطط الحكومة لخفض دعم الوقود خلال هذا الشهر أو الشهر المقبل، يواجه «المركزي» ضغوطاً متزايدة للتصدي للتضخم والمحافظة على النمو الاقتصادي اللافت في الوقت ذاته. وكان معدّل الفائدة الإندونيسي منخفضاً بشدة إذ بلغ 5.75 في المئة منذ شباط (فبراير) من العام الماضي. لكن إذا مضت الحكومة في تنفيذ خطتها بخفض دعم الوقود في محاولة لتقليص عجز الموازنة، قد يلغي الارتفاع في أسعار الوقود انخفاض أسعار المواد الغذائية، بل يزيد عنه، ما ينتج ارتفاع التضخم. ويوضح التقرير أن توقيت الارتفاع في سعر الفائدة يعتمد على توقيت خفض الدعم على الوقود. فإذا أقر خلال الأيام المقبلة، يمكن توقع ارتفاع سعر الفائدة خلال هذا الشهر. أما إذا تأجل مرة أخرى إلى الشهر المقبل فيرجح أن يتجه «المركزي» إلى إبقاء سعر الفائدة مستقراً هذا الشهر. ومع أن موقف الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهويونو من خفض الدعم كان حازماً، إلا أن التأجيل مرات جاء بسبب الانتخابات المنتظرة عام 2014، وبسبب تاريخ من التظاهرات التي كان بعضها عنيفاً بسبب ارتفاع أسعار الوقود في عامي 2005 و2008. لهذا يشكّل إقرار خفض الدعم خطراً على الرئيس الذي قد يفقد شعبيته ويتسبب في إشعال موجة غضب شعبي جديدة. ووفق التقرير يتوقع أن يقر الرئيس هذا الخفض ولكن مع حزمة من التعويضات مدعومة من البرلمان.