شهد مؤشر أسعار الجملة في الهند انخفاضاً ملحوظاً في آذار (مارس) مسجلاً 5.96 في المئة، مقارنة بنمو بلغ 6.84 في المئة على أساس سنوي سجله في شباط (فبراير). والمعدّل الجديد هو الأدنى خلال ثلاث سنوات. ووفق تقرير أصدرته شركة «آسيا للاستثمار»، فإن السبب الرئيس لهذا التراجع يعود إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية التي تراجعت من معدل نمو بلغ 11.38 في المئة على أساس سنوي في شباط إلى 8.73 في المئة في آذار، وترافق هذا التراجع مع تباطؤ في أسعار الوقود والطاقة والكلفة الصناعية. وتباطأ الإنتاج الصناعي أيضاً من 2.4 في المئة على أساس سنوي إلى 0.6 في المئة في آذار، لذلك يعتقد محللون أن المصرف المركزي الهندي سيخفض أسعار الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه الشهر المقبل، بهدف تنشيط النمو. وجاء في التقرير: «استقرت المنتجات الاقتصادية التي تشكل الجزء الأكبر من الإنتاج الصناعي عند 2.2 في المئة، لكن الطلب المحلي والعالمي الضعيف خفض النشاط». ويتبين أيضاً أثر انخفاض الطلب على مؤشر مديري المشتريات لمصرف «أتش أس بي سي» الشهر الماضي الذي شهد أكبر انخفاض شهري له منذ أيلول (سبتمبر) 2011، بعد أن انخفض من 54.2 نقطة في شباط إلى 52 في آذار. وشدد التقرير على أن الهند تستخدم مؤشر أسعار الجملة كمقياس أساس للتضخم، وشبهه بمؤشر أسعار التجزئة لجهة أنه يقيس الزيادة السنوية في أسعار سلة واحدة من السلع، لكنه يختلف في أنه يركز على السلع المتبادلة بين الشركات بدلاً من السلع التي يشتريها المستهلكون. والسبب في ذلك هو أن متابعة سلع المستهلكين في الهند أمر صعب. و «لأن الهند عانت لفترة طويلة من مشكلة التضخم، أصبح من المهم أن تدير مستوى السيولة لكن هناك مفاضلة بين التضخم والنمو»، وفق تقرير «آسيا للاستثمار»، الذي يشير إلى أن المصرف المركزي الهندي يعتمد في سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء، وهو السعر الذي تقترض به المصارف، الروبية الهندية من «المركزي». ويستخدم هذا السعر مرجعاً للقروض بين المصارف، ولحجم الودائع المطلوبة من المصارف. وعبر خفض سعر الفائدة، يسعى «المركزي» الهندي إلى جعل القروض أرخص كلفة والودائع أقل جاذبية، ما يعزز السيولة في السوق. وأظهر التقرير أن «اتخاذ قرار في شأن سعر الفائدة يستوجب النظر إلى المكونات الأساس للتضخم، فقد انخفضت أسعار الوقود والطاقة والكلفة الصناعية بسبب تراجع أسعار السلع العالمية ومنها الذهب، نتيجة لانخفاض الطلب العالمي، واعتدال واردات الوقود والذهب لن يخفف من الضغوط التضخمية فقط، بل سيساعد الهند على تخفيف عجز حسابها الجاري المتزايد، الذي ارتفع إلى 6.7 في المئة من الناتج المحلي في الربع الأخير من عام 2012». وأشار التقرير إلى أن «العجز المرتفع للحساب الجاري أدى إلى ضعف العملة وبالتالي أصبحت الواردات أكثر كلفة، والتضخم أعلى، وانخفض تضخم أسعار المواد الغذائية بسبب تراجع أسعار الخضار». وعادة ما تكون أسعار المواد الغذائية متذبذبة، لكن مع بدء موسم الحصاد، يجب أن يكون تضخم أسعار المواد الغذائية مستقراً للأشهر المقبلة على الأقل. ولا يزال هناك احتمال كبير لارتفاع أسعار المواد الغذائية مرة أخرى بسبب المشاكل الهيكلية في العرض، التي لا يمكن حلها عن طريق خفض أسعار الفائدة فقط. وأفاد التقرير بأن «على الحكومة أن تبادر إلى إصلاح مشاكل العرض على المدى الطويل». وتتضح أخطار تضخم أسعار المواد الغذائية في مؤشر أسعار التجزئة، الذي يبلغ 10.38 في المئة على أساس سنوي. وبينما تنتظر الحكومة الهندية الانتخابات المقبلة في مطلع 2014، فمن الضروري حشد الجهود لرفع الاستثمار والنمو الاقتصادي، حتى وإن كان هذا يعني خفض سعر الفائدة مجدداً للمرة الثالثة، وإن كانت الكلفة هي المخاطرة بتسجيل تضخم جامح.