شهد معدل التضخم في اندونيسيا ارتفاعاً كبيراً بلغ أعلى معدلاته في نحو سنتين خلال آذار (مارس) الماضي، ليضع البنك «المركزي» في حال إنذار. وكان مؤشر أسعار التجزئة الإندونيسي ارتفع من نسبة نمو بلغت 5.31 في المئة على أساس سنوي في شباط (فبراير) الماضي، إلى 5.9 في المئة خلال آذار الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ليفوق معدل الشهر الماضي والمعدل الذي حدده «المركزي» بين 3.5 و5.5 في المئة. وأشارت المحللة الاقتصادية في «الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية» دانة الفقير، إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بسبب السياسات الأكثر صرامةً التي وضعتها الحكومة على توريد البصل والثوم، ما أدى بدوره إلى تراجع حجم مخزونهما. ولفتت إلى أن «التضخم الأساس»، الذي لا يأخذ في الاعتبار أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، انخفض نسبياً من معدل نمو بلغ 4.29 في المئة على أساس سنوي في شباط إلى معدل نمو بلغ 4.21 في المئة على أساس سنوي في آذار، بعكس أسعار المواد الغذائية. وأظهرت أن العجز التجاري ارتفع من 75 مليون دولار في كانون الثاني (يناير) الماضي إلى 327 مليوناً في شباط وهو ضعف العجز الذي كان متوقعاً، ما أدى إلى انخفاض الطلب على الصادرات خصوصاً من الدول التي احتفلت برأس السنة الصينية. ومع زيادة عجز الحساب الجاري، يضع العجز التجاري ضغوطات على الروبية الإندونيسية التي انخفضت ستة في المئة العام الماضي و1.1 في المئة منذ مطلع السنة. وأكدت الفقير أن في إندونيسيا، كما في الدول النامية الأخرى، يشكل الإنفاق على المواد الغذائية أكثر من ثلث سلّة السلع والخدمات، والمعروفة بمؤشر أسعار التجزئة الذي يعتمد على عادات الإنفاق الفردي في الدولة، ما يجعل أثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية على التضخم أكبر من أي إنفاق آخر. ولتفادي التضخم، يمكن للهيئات النقدية اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة الذي سيؤثر مباشرة في قدرة الإنفاق الفردي، إذ أن رفعه يزيد كلفة الاقتراض، ما يدفع الأفراد إلى تقليص اقتراضهم وبالتالي إنفاقهم. ومن شأن خفض أسعار الفائدة أن يزيد النشاط الاقتصادي عبر تشجيع الاستهلاك. وأشارت إلى أن مجلس محافظي «المركزي» الإندونيسي يحدد سعر الفائدة في اجتماعه الشهري بهدف تمكين إندونيسيا من إدارة السيولة في سوق النقد لتحقيق الأهداف التشغيلية الموضوعة للسياسة النقدية، التي تعتمد على سعر الفائدة على القروض المتداولة بين المصارف في يوم واحد. ويواجه «بنك إندونيسيا» اليوم تحدياً مهماً يتمثل في سُبل معالجة سياسته النقدية لكبح التضخم الذي بلغ مستوى أعلى من المستهدف، وفي الوقت ذاته في المحافظة على الأداء الإيجابي جداً الذي سجله نمو الاقتصاد. وأضافت الفقير أن من المقرر أن يعقد «المركزي» غداً اجتماعاً لمناقشة سياسته النقدية، إذ أن سعر الفائدة المرجعية ما زال عند مستوى منخفض نسبته 5.75 في المئة منذ شباط 2012، فيما لا يزال مستوى التضخم الأساس ضمن الحدود التي حددها «المركزي». وأكد محللون أن انخفاض سعر الفائدة المرجعية غير وارد حالياً، فالارتفاع في أسعار المواد الغذائية يعتبر موقتاً، خصوصاً مع بداية موسم حصاد الرز وتخفيف الحكومة القوانين المتعلقة بالتوريد بما يتناسب مع الحاجات المحلية. وأشارت إلى أن الحكومة الإندونيسية اتخذت قرار خفض دعم الوقود بهدف تخفيف العجز المتزايد في الموازنة، إذ أن الارتفاع في الأسعار الناجم عن هذه الخطوة قد يكون أكثر من كافٍ لتغطية انخفاض أسعار المواد الغذائية، وبالتالي سيدفع إجمالي حجم التضخم إلى مزيد من الارتفاع. ويُتوقع أن يعلن الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودهويونو خلال الأيام المقبلة عن إجراءات جديدة للحد من الدعم الحكومي للوقود. ومع ذلك، فإن الانتخابات المقبلة عام 2014 والاحتجاجات على أسعار الوقود عامي 2005 و2008 قد تدفع يودهويونو إلى التردد في عدم الاستجابة إلى طلبات الشعب. وفي حال اتخذت الحكومة قرار خفض دعم الوقود، فمن المؤكد أن «بنك إندونيسيا» سيتخذ قراراً برفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس بهدف التحكم بالتضخم الكلي. وتوقعت الفقير، في حال لم يخفض الدعم الحكومي وتراجعت أسعار المواد الغذائية خلال الأشهر القليلة المقبلة، أن يبقى سعر الفائدة المرجعية عند مستوياته المنخفضة حالياً أي 5.75 في المئة. ويُرجح أن يبلغ النمو هذه السنة نحو ستة في المئة، تدفعه المستويات القوية للاستهلاك المحلي.