أعلن متظاهرو الأنبار تحويل محافظتهم إلى ملاذ آمن «لأهل السنة»، وأكدوا تشكيل «جيش العشائر» لحماية المحافظة، فيما نجحت مفاوضات بين الحكومة ومسلحين بالسماح لقوات الشرطة بالدخول إلى منطقة سليمان بيك، شمال تكريت، وانسحاب المسلحين منها بعد يومين من فرض سيطرتهم عليها. إلى ذلك، وصل وفد برلماني إلى كركوك لتقصي حقائق حادثة مقتل وجرح العشرات من المتظاهرين في مدينة الحويجة، في حين تشهد المدينة معارك كر وفر بين قوات الأمن ولمسلحين للسيطرة على نقاط التفتيش. وعلى رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات الأمن في المحافظات السنية الخمس (الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى وجنوب كركوك) التي تشهد تظاهرات مناوئة للحكومة منذ أربعة شهور، إلا أن ساحات الاعتصام في هذه المدن استقطبت أمس الآلاف، وتصاعد خطاب قادتهم ضد الحكومة ورئيسها نوري المالكي. وطالب معتصمو الأنبار بوقف العمليات العسكرية، وأكدوا «تشكيل جيش العشائر» في الأنبار و «المحافظات الست»، مشددين على وجوب المحافظة على «سلمية الاعتصامات»، و «السلم الأهلي» وعدم السماح لأي جهة مسلحة ب «النزول إلى الشارع». وقال الناطق باسم معتصمي الرمادي سعيد اللافي، في بيان، في جمعة «حرق المطالب» أنه «مع بدء انتهاء المدة المفتوحة من ساحة العزة والكرامة في الأنبار والتي أعطيت بموجبها قطعات الجيش والشرطة الاتحادية مدة 48 ساعة للانسحاب إلى مقراتها نطالب بالوقف الفوري للعمليات العسكرية المركزية في المحافظات الست المنتفضة، وفي حال عدم توقفها ستقوم العشائر بإرسال أبنائها إلى المحافظات الأخرى التي تتم فيها تلك العمليات العسكرية». وشدد البيان على المطالبة ب «إحالة رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات البرية والقادة الميدانيين على المحاكم الدولية وإعلان تشكيل جيش العشائر في الأنبار والمحافظات على أن تكمل هذه العشائر تشكيل جيوشها خلال 72 ساعة، وتكون مهمتها الدفاع عن تلك المحافظات والتصدي لأي هجوم يستهدف أي محافظة، ودعوة الشباب وكل فصائل المقاومة إلى الانضمام إلى هذا الجيش». وطالب البيان ب «إقالة مدير شرطة الأنبار ومديري أجهزة وزارة الداخلية في المحافظة، لأنهم أثبتوا فشلهم في إدارة دوائرهم»، مشدداً على ضرورة «المحافظة على سلمية ساحات الاعتصام، ومنع كل المظاهر المسلحة فيها، ومنع ارتداء اللثام». وأكد البيان أن «العشائر وأبناء المدينة اتفقوا على المحافظة على السلم الأهلي داخل مدينة الرمادي والأقضية الأخرى وعدم السماح لأي جهة مسلحة بالنزول إلى شوارع المدينة، والاعتداء على الممتلكات والأموال العامة، والتسبب في تعطيل مصالح العباد والبلاد». وقال إمام وخطيب الجمعة حامد الكبيسي: «إنني أوجه رسائل أولها إلى أهل السنة في العراق بعامة، وإلى أهل الأنبار بخاصة وأقول لكم إننا نحتاج إلى رص الصفوف ووحدة الكلمة وأن لا نوجه السلاح إلى بعضنا وأن نفوت الفرصة على عدونا». وأضاف أن «الرسالة الثانية إلى شيعة العراق: نصيحتنا إليكم أن لا تلقوا بأبنائكم في محرقة الموت في مجابهتنا فوالله إننا قوم حريصون على عدم سفك الدماء لكننا رقم صعب والخاسر الأكبر فيها المالكي وإيران ومن لفهما». وأفاد عضو مجلس عشائر الفلوجة الشيخ محمد البجاري أن «الأنبار ستكون ملاذاً آمناً لأهل السنة من بطش قوات الأمن»، وأضاف في اتصال مع «الحياة» أن «عشائر الفلوجة عقدت العزم على الدفاع عن أنفسها ضد قوات الجيش والشرطة في حال الاعتداء عليها». وأضاف أن «خطيب جمعة الفلوجة ألقى خطبته وهو يلبس الزي العسكري ودعا الأهالي إلى التصدي لأي هجوم من قوات الجيش والشرطة الاتحادية، على الحكومة توجيه أوامر بالانسحاب الفوري من مدن الأنبار والبقاء في ثكناتها والخروج من المدينة». وأعلن الضابط محمد القرغولي وهو برتبة رائد، أمس استقالته من الشرطة أمام عشرات آلاف المعتصمين في ساحة اعتصام الرمادي. وقال: «أعلن استقالتي من الشرطة المحلية وأرغب في أن أكون جزءاً من المعتصمين في ساحة الاعتصام»، وأضاف: «لن أكون مع حكومة تعيش على قتل أبناء العراق». وفي بغداد تجمع آلاف المصلين في مناطق الأعظمية والعامرية والدورة في الجوامع المنتشرة في هذه المناطق، ونددوا بحادثة الحويجة، ورددوا شعارات مناهضة للحكومة، وطالبوا بخروج الجيش والشرطة الاتحادية من مناطقهم. وفي سامراء اعتبر المتظاهرون هجوم الجيش «على ساحة اعتصام الحويجة أمراً لا يمكن السكوت عنه»، وأعلنوا البدء بتشكيل «قوة وحشد عشائري منضبط»، وأكدوا أنه «في حال لم يستبدل المالكي بحاكم يوافق عليه أهل السنة فسنحكم نفسنا بنفسنا». وقال إمام سامراء محمد طه السعدون في خطبة أمس: «نوجه رسالتنا الأولى إلى المالكي ونقول له، بعد أن منعت اعتصامنا السلمي الذي كتبنا فيه مطالبنا وأبرزنا فيه غايتنا، ولم تنفذ شيئاً مما وعدت به، لقد يئسنا من كل أمل فيك، فما تركت طريقاً للأذى إلا سلكته ولم تشع الأمان ولم تحافظ على الأموال ولا صنت الأعراض وضاعت في سياستك الحلول». إلى ذلك، دخلت قوات الجيش أمس بلدة سليمان بيك في محافظة صلاح الدين الغربية إثر انسحاب المسلحين منها، وفقاً لاتفاق رعته العشائر بعد انتهاء إنذار القوات الأمنية للمسلحين بالانسحاب، فيما شهدت مدينة الحويجة والمناطق العربية في كركوك معارك كر وفر بين المسلحين وقوات الأمن. وقال عضو لجنة التنسيق في مدينة الحويجة أكرم العبيدي في اتصال مع «الحياة» أمس أن «وفداً برلمانياً وصل اليوم (أمس) إلى كركوك لتقصي حقائق مجزرة الحويجة»، وأضاف أن «اللجنة التي يرأسها النائب سليم الجبوري استمعت إلى إفادات العشرات من المتظاهرين بينهم جرحى إضافة إلى عدد من الأطباء الذين اطلعوا على إصابات المتظاهرين». وأوضح أن «النتائج كشفت عن أن غالبية الجرحى أصيبوا بحروق بعد إقدام الجيش على حرق خيم المعتصمين»، وأضاف أن اللجنة ستستمع إلى إفادات قادة الجيش والشرطة وبعدها يتم رفع رفع تقرير مفصل إلى البرلمان». وعن الوضع الأمني في المدينة قال العبيدي إن هناك «معارك كر وفر بين قوات الجيش والمسلحين من أبناء العشائر للسيطرة على نقاط التفتيش في كركوك»، وأضاف أن «المسلحين يسيطرون على هذه النقاط في الليل وتسترجعها قوات الجيش في النهار».