سقط عشرات القتلى والجرحى العراقيين أمس خلال اقتحام الجيش ساحة اعتصام المتظاهرين في بلدة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك، واقتحم مسلحون مواقع للشرطة والجيش، وسط دعوات العشائر إلى حمل السلاح وفتوى المرشد الروحي للمتظاهرين الشيخ عبد الملك السعدي بأن «الدفاع عن النفس أصبح واجباً». وأوحت ردود الفعل بأن العراق يقترب من العودة إلى الحرب الأهلية، إذ صعد خصوم رئيس الوزراء نوري المالكي هجومهم على سياساته «الطائفية»، واستقال وزيران احتجاجاً على إقحام الجيش في السياسة، وأعلن إئتلاف «العراقية العربي»، بزعامة صالح المطلك انسحابه من العملية السياسية، فيما قال رئيس البرلمان أسامة النجيفي أنه يجري اتصالات ب «زعماء سنّة في العراق وخارجه لاتخاذ الموقف المناسب». إلى ذلك، عين المالكي نائبه حسين الشهرستاني وزيراً للخارجية بالوكالة بدلاً من الوزير الأصيل هوشيار زيباري الذي يقاطع الحكومة. واندلعت شرارة العنف فجر امس عندما نفذت قوات الجيش تهديدها باقتحام ساحة الإعتصام في بلدة الحويجة، بحثاً عن مسلحين وأسلحة، ما ادى الى مواجهات واسعة أسفرت عن مقتل أكثر من 30 قتيلاً و 200 جريح من المعتصمين و3 قتلى وتسعة جرحى من قوات الجيش. وأعلنت وزارة الدفاع في بيان انها اقتحمت الساحة لتفتيش خيم المتظاهرين والقبض على مسلحين هاجموا قبل ايام وحدة عسكرية وقتلوا جنديين. وأكد شهود ان الجيش اقتحم الساحة وفتح النار بلا سابق انذار، متجاوزاً اتفاقات بينه ووجهاء العشائر يقضي بتسوية الخلاف سلماً. وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر خلال مؤتمر صحافي عقده في كركوك انه منع من الدخول الى الحويجة وانه غاضب لهذا التصرف. وندد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني باقتحام الجيش ساحات الاعتصام، وقال ان «تصرف الجيش خرق فاضح للدستور ولكل القوانين». وكان المالكي أمر بتشكيل لجنة تحقيق في الاحداث برئاسة نائبه صالح المطلك وعدد من الوزراء، فيما دان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحادث، وقال في بيان أن «الحكومة فتحت باباً جديداً للعنف اللامشروع». وأعلن ائتلاف «العراقية العربية» الذي يتزعمه المطلك مساء امس «الانسحاب من العملية السياسية». وقال الناطق باسمه حيدر الملا إن «الانسحاب احتجاج على زج الجيش في الصراعات السياسية»، وأن «أعضاء القائمة قدموا استقالاتهم إلى صالح المطلك الذي سيعقد اجتماعاً مع الكتل الأخرى، وهي متحدون والعراقية وإقناعهم بالانسحاب». وقدم وزير التربية محمد تميم استقالته احتجاجاً على الاحداث، وتبعه وزير العلوم والتكنلوجيا عبدالكريم السامرائي، وحمل رئيس البرلمان اسامة النجيفي الحكومة مسؤولية التصعيد الاخير وقال ان زعماء سنّة «يجرون اتصالات داخل العراق وخارجه لاتخاذ موقف من هذه الاعتداءات». ولم تمضِ ساعات على الحادث حتى هاجم مسلحون مقرات امنية وعسكرية في بلدات بيجي وسليمان بك التابعتين لمحافظة صلاح الدين، وقالت المصادر ان المواجهات استمرت حتى ليل امس وخلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، فيما احرق مسلحون عربات عسكرية للجيش قرب مخيمات الاعتصام في الفلوجة (غرب بغداد). ودعا السعدي «أهل السنة» الى الدفاع عن أنفسهم، لكنه طالبهم بضبط النفس «لتفويت الفرصة على المعتدين». وقال في بيان «من قام بذلك العمل (قتل المعتصمين) سيحاسب في الدنيا والآخرة، وأدعو المتظاهرين إلى الدفاع عن أنفسهم بكل قوة».