بدا لافتاً الملاحقات المتتالية من السلطات المصرية لإسلاميين داعمين لنظام الرئيس محمد مرسي بتهم تعذيب معارضين أو الاعتداء عليهم أو على مقراتهم، ما أثار تساؤلات حول تحريك السلطات تلك الملفات على رغم مرور أشهر عدة على الوقائع التي تتناولها. فبعد أن أحالت النيابة العامة القياديين في جماعة «الإخوان» مصطفى رشدي الخولي ومحمد عبدالراضي على محكمة الجنايات لاتهامهما ب «احتجاز وتعذيب مواطنين من دون وجه حق» خلال تظاهرات احتجاجية شهدتها مدينة دمنهور في محافظة البحيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ألقت السلطات الأمنية القبض على الناشط السياسي عبدالرحمن عز المنتمي للتيار الإسلامي، وأحالته على النيابة التي أمرت بحبسه 15 يوماً بتهمة التحريض على الاعتداء على مقر حزب الوفد واقتحامه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ثم أعلنت النيابة أنها تحقق مع عضو جماعة الإخوان علاء حمزة لتورطه في تعذيب متظاهرين معارضين على أبواب قصر الاتحادية الرئاسي بعد أن هاجم الإخوان تظاهرات للمعارضة أمام القصر في كانون الأول الماضي. وظهر حمزة في أشرطة مصورة يعتدي على متظاهرين لانتزاع اعترافات منهم بالحصول على أموال من الخارج أو من رموز المعارضة أو من المحسوبين على النظام السابق، من أجل المشاركة في تلك التظاهرات. وجاءت هذه الإحالات المتوالية في أعقاب تظاهرات للمعارضة للمطالبة بإقالة النائب العام المستشار طلعت عبدالله، وتنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار تعيينه، تلقفته المعارضة التي تتهم عبدالله بالانحياز إلى جماعة الإخوان وملاحقة المعارضة، دون الإسلاميين. وبدت قرارات النيابة العامة ملاحقة إسلاميين بتهم تعذيب معارضين رداً على تلك الاتهامات وإظهار الحياد في التعامل مع الفرقاء السياسيين، ومحاولة لتخفيف ضغوط المعارضة على النائب العام. لكن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الدكتور بهي الدين حسن رأى أن تلك الملاحقات رسالة موجهة إلى الخارج بالأساس. وقال ل «الحياة»: «اعتقد أنها محاولة لتحسين صورة النظام أمام المجتمع الدولي، فعلى رغم أن تلك الوقائع اُرتكبت قبل أشهر، إلا أن قرارات النيابة أتت في أعقاب تغير في لهجة المسؤولين الأوروبيين والأميركيين بخصوص حقوق الإنسان في مصر». وأضاف حسن: «بدءاً من منتصف آذار (مارس) بدأ المسؤولون الأوربيون يغيّرون لهجتهم بخصوص حقوق الإنسان، وفعل ذلك الأميركيون مطلع الشهر الجاري... الكل تحدث عن العدالة الانتقائية وازدواجية المعايير في تطبيق القانون، ويدرك أن ما يحدثنا به المسؤولون الأميركيون والأوروبيون حقيقة». ورأى حسن أن النظام الحالي يعمل بآليات النظام السابق نفسها. وقال: «عينه على الخارج دائماً... منذ فترة ونحن نتحدث عن الانتقائية في تطبيق القانون، وما أن بدأ الغرب يبرز هذه النقطة حتى بدأت الملاحقات»، مؤكداً أن «قرار ملاحقة قوى وشخصيات محسوبة على الرئيس ليس قرار نائب عام لا في عهد مرسي ولا مبارك... هذا قرار سياسي هدفه تحسين صورة النظام، وإيجاد رد على التساؤلات الغربية».