قررت محكمة جنايات القاهرة أمس إطلاق سراح الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين التي ستُعاد محاكمته فيها بعدما ألغت محكمة النقض إدانته فيها وسجنه 25 عاماً، وهو القرار الذي كانت سبقته النيابة العامة بقرار بسجنه 15 يوماً على ذمة قضية فساد مالي لضمان عدم الإفراج عنه. وقررت المحكمة قبول تظلم دفاع مبارك ضد استمرار حبسه في قضية قتل المتظاهرين، وهى أكبر قضية يُحاكم فيها الرئيس السابق، بعدما قضى سنتين قيد الاحتجاز، وهي أكبر فترة يجيزها القانون للسجن الاحتياطي في القضايا التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. وقررت المحكمة إخلاء سبيل مبارك بضمان محل إقامته ما لم يكن مطلوباً على ذمة قضايا أخرى. وقال رئيس المحكمة محمد رضا شوكت إن «استمرار حبس مبارك سقط بقوة القانون وانحسرت عنه المشروعية قبل الفصل في هذا التظلم وذلك لصدور قرار من النيابة العامة بحبسه يوم 12 نيسان (أبريل) من عام 2011 وبذلك وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية تسقط مدة الحبس في مثل هذه القضايا بعد مرور عامين وعليه تنتهي في 12 نيسان 2013». وأكد أن أمر الإفراج عن مبارك «بات حقاً مكتسباً بقوة القانون ولا يعدو قرار المحكمة كونه كاشفاً هذا الحق ولا يجوز معه استعمال سلطاتها التقديرية أمام نص قانوني قاطع... لا تملك المحكمة إلا الإذعان للقانون وأصبح الإفراج عنه أمراً مقضياً وسنده صحيح». لكن نيابة أمن الدولة العليا استبقت إطلاق مبارك بقرار حبسه 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات بتهمة الاستيلاء على أموال قصور الرئاسة. وكان النائب العام طلعت عبدالله قال في بيان الأسبوع الماضي إن تحقيقات النيابة العامة كشفت أن «مبارك استولى لنفسه ولزوجته سوزان ثابت ونجليه علاء وجمال على الأموال المخصصة سنوياً للإنفاق على القصور الرئاسية». وأوضحت النيابة أن فترة العقوبة ستبدأ بعد انتهاء فترة حبسه الاحتياطي على ذمة قضية قتل المتظاهرين، أي اعتباراً من يوم الجمعة الماضي. ومبارك محبوس على ذمة قضية تلقيه هدايا من مؤسسة «الأهرام» الصحافية المملوكة للدولة التي تصالح فيها بتسديد قيمة الهدايا، لكن النيابة قالت إن هذا الأمر «لا يُسقط الجريمة»، ويخضع أيضاً لتحقيقات في قضية «تحقيق كسب غير مشروع». وكان مبارك أودع قفص الاتهام أمس في مستهل النظر في تظلم دفاعه، وبدا في صحة جيدة، وتحدث إلى ابنيه علاء وجمال لدى مغادرتهما القفص، حيث كانا يخضعان للمحاكمة في قضية «التلاعب في البورصة» التي استمعت هيئة المحكمة فيها أمس إلى أقوال الشهود، وأرجأتها إلى 11 أيار (مايو) المقبل مع استمرار حبس علاء وجمال مبارك. وشهد محيط أكاديمية الشرطة حيث مقر المحاكمة تظاهرات لعشرات من مؤيدي مبارك رفعوا صوره وارتدوا قمصاناً عليها صوره كُتب عليها: «أنا مصري وأرفض إهانة زعيم الأمة» و «بنحبك يا ريس». كما رددوا هتافات تأييد لمبارك، فيما غاب أهالي الضحايا الذين قتلوا خلال الثورة عن جلسة المحكمة. وتجنب مبارك التلويح لمؤيديه أمس كما حدث خلال أولى جلسات إعادة محاكمته والتي انتهت بتنحي المحكمة «استشعاراً للحرج». وفور إعلان المحكمة قرار إخلاء سبيل مبارك، هلل مؤيدوه في قاعة المحكمة. وعزا محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبدالمقصود إخلاء سبيل مبارك إلى «البطء الشديد في إجراءات المحاكمة ما يشكل قمة الاستفزاز لمشاعر الشعب المصري ولأسر الضحايا والشهداء، خصوصاً وهم يرون مبارك يلوح لأنصاره، وكأنه يستهزأ بدماء الشهداء الذين سقطوا». وناشد رئيس محكمة استئناف القاهرة «تفريغ الدائرة التي سيحاكم أمامها مبارك ورموز النظام السابق من أي قضايا أخرى حتى تتمكن من الحصول على الوقت الكافي لنظر القضية وإصدار حكم فيها في أقرب وقت ممكن». من جهة أخرى، استقبل بطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا تواضروس الثاني أمس أسر 7 من ضحايا الاشتباكات الطائفية الأخيرة في الخصوص وأمام مقر الكاتدرائية. وقدم البابا خلال اللقاء التعازي لأسر الضحايا. وكان البابا تواضروس زار عدداً من مصابي تلك الأحداث فور عودته من خلوته، فيما أرجأ عزاء كان مقرراً أن تستضيفه الكاتدرائية غداً. وقامت أسرة مسيحية متهمة بالضلوع في اشتباكات الخصوص التي راح ضحيتها 7 قتلى، بتسليم نفسها إلى الشرطة خشية الاعتداء عليها. إلى ذلك، واصلت جماعة «الإخوان» صمتها إزاء واقعة إحالة قياديين فيها على محكمة الجنايات لاتهامهما ب «احتجاز وتعذيب مواطنين من دون وجه حق» خلال تظاهرات احتجاجية شهدتها مدينة دمنهور في محافظة البحيرة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكانت النيابة أحالت القياديين في الجماعة مصطفى رشدي الخولي ومحمد عبدالراضي على محكمة الجنايات بتهم تعذيب واحتجاز ثلاثة طلاب من دون وجه حق. وقالت إنهما «قاما في 25 تشرين الثاني 2012 باحتجاز مواطنين وتعذيبهم وضربهم من دون وجه حق داخل مقر جماعة الإخوان المسلمين في دمنهور، باستخدام أسلحة وصواعق وعصي». وأرسلت النيابة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية لتحديد جلسة المحاكمة. وتحدث محامي المجني عليهم عن ضغوط تُمارس عليهم للتنازل عن اتهام القياديين في «الإخوان». وكانت مدينة دمنهور شهدت اشتباكات بين أنصار «الإخوان» ومعارضيهم بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في تشرين الثاني الماضي وأطلق موجة من الاحتجاجات وأعمال العنف.