تفاخر السويد بلد «الأطفال المرفهين» بالتدابير المتخذة لمصلحة العائلة، لكن قرار صاحب مقهى في استوكهولم منع دخول الأطفال يثير جدلاً في البلاد. يومياً، يواجه جوزيف شامون الذي تملك عائلته مقهى «نيليز»، أطفالاً غير منضبطين: «يقفون على الكراسي، يقفزون من كرسي إلى آخر، يقفون على أطر النوافذ ويطرقون عليها»، وفق شامون الذي يؤكد «أنها مشكلة متفشية جداً في فرعنا». وفي البداية، كان «نيليز» يسعى إلى أن يكون مضيافاً تجاه الأطفال إذ إنه سمح بإدخال عربات الأطفال التي تمنع أحياناً في المقاهي. وحاز «نيليز» سمعة جيدة كمقهى للعائلات وكان يشهد يومياً اجتياحاً لعشرات عربات الأطفال طوال ساعات النهار. ويقول شامون إن «90 في المئة (من الأهل الذين يصطحبون صغارهم) هم أناس لطفاء ومهذبون، لكن حوالى 10 في المئة يأتون إلى هنا مقتنعين بأننا سنهتم (بأطفالهم) أو أن سلوك هؤلاء سليم». لذا، عمد صاحب المقهى إلى تغيير سياسته معلناً أن الأطفال غير مرحب بهم لديه. وكان يتوقع ردود فعل مندّدة كثيرة. لكنه فوجئ بالعدد الكبير من رسائل الدعم التي تلقاها من زبائن وأصحاب مطاعم ومقاه، وحتى من سائقي سيارات أجرة. ومع ذلك، اضطر «نيليز» للتراجع بعدما وصلت القضية إلى مسمع أمين المظالم المكلف مكافحة التمييز. وإثارة الموضوع جدلاً كبيراً في السويد مردها إلى أن الأطفال حاضرون في كل مكان. فالأهل الذين يستفيدون من دوامات عمل مكيّفة مع حاجات أطفالهم ومن إجازات طويلة لأهالي المواليد الجدد، يرتادون مع عائلاتهم بكثرة صالات السينما وقاعات الرياضة والمتاحف والمقاهي. لذا، فإن سوق أهالي الأطفال الحديثي الولادة تدر أرباحاً طائلة. وتتميز هذه المملكة الاسكندينافية بمعدل خصوبة من الأعلى في أوروبا، بواقع 1,9 طفل لكل امرأة، كما أن الوالدين يتقاسمان إجازة سخية من 80 يوماً عند ولادة مولودهما الجديد، يتقاضيان خلالها ما نسبته 80 في المئة من راتبيهما. ويعارض طبيب الأطفال لارس غوستافسون المدافع الشرس عن التربية المتسامحة، أي حكم صارم على الأطفال. ويقول هذا الأب لثمانية أطفال ومؤلف كتابَي «أن تكبر لا يعني أن تطيع» و «حقوق الإنسان والطفل في سن ما قبل المدرسة»، إنه «إذا ركض الأطفال حول الطاولات بسبب الضجر، يمكن راشدين آخرين الاهتمام بهم والتحدث معهم، عوضاً عن البقاء جالسين والنظر إليهم بتوتر». في مطلق الأحوال، النقاش في هذه المسألة مستمر. ولم يتخلَّ زبائن «نيليز» عنه، إلا أن عدد الأطفال في هذا المقهى تراجع. وهذا الوضع يناسب البعض. وتؤكد إحداهن على موقع إلكتروني مخصص للمقاهي «اذهب باستمرار (إلى مقهى «نيليز») للعمل والمكان أصبح كالنعيم».