لم يبق باب من أبواب الحياة إلا وطرقته أم أحمد، تحت إلحاح العوز وضغوط المرض ومرافقة الأحزان والأوجاع. زوج تكالبت عليه الديون والأمراض وطفلة مصابة بالشلل، تلك هي اختصار حياة أسرة تعيش البؤس والحرمان. وصلت الحال بهذه الأسرة المغلوبة على أمرها إلى النوم على الأرض مع بعض أبنائهم الذين لا تسعهم عدد أسرة محطمة وفرش ممزقة يهددهم منزل آيل للسقوط في أية لحظة. لا تكاد هذه الأسرة تنفك من الهموم التي ما فتئت تلازمهم في شكل يومي وفي كل لحظة، إلى درجة لم يعودوا يفكرون في مستقبل أبنائهم الثمانية، فأنى لهم ذلك وهم يقاسون حاضراً مأسوياً، وأقل ما يعانون منه أفراد أسرة أم أحمد هو عدم وجود مأوى يمنع عنهم الصيف الحارق، والشتاء القارص وتساقط الأمطار ولدغات البعوض. تقول أم أحمد: «الحياة أصبحت سوداء في وجوهنا، لا نعلم كيف سيصبح ويمسي علينا يومنا، ولكننا مؤمنون بما كتبه لنا رب العالمين من رزق». وتضيف: «ليس لنا دخل سوى تقاعد زوجي الذي قدّر الله عليه بحادثة مركبة أثناء عودته من عمله في حرس الحدود أصيب بعدها بمرض ذهني أجبره على التقاعد ليحصل على تقاعد 2100 ريال لا تفي حتى بمتطلبات الديون ومعيشة أبنائنا». وتتابع: «تتابعت الأمراض على زوجي بعد ذلك، من ضغط وسكر حتى لم يعد يقوى على الحراك»، متسائلة: «إلى من نشتكي؟ ومن سيسمع نداءنا؟». الأمر المهم بالنسبة لأم أحمد هو «سكن يجمعنا مع أبنائنا وبناتنا وطفلتي المشلولة تحت سقف واحد، إضافة إلى مستلزمات المدارس». وتستطرد: «أقسم بالله بأنه تمر الأيام ولا يوجد في جيوبنا ما نشتري به الخبز ليقتات به أطفالنا، وحينها يذهب أبنائي إلى المدرسة بلا إفطار أو مصروف يومي، فأكبرهم يبلغ 24 عاماً وليس لديه عمل على رغم أنه العائل الوحيد لنا بعد أن ساءت ظروف والده الصحية». وتوضح: «زوجي قبل إصابته بدأ في بناء منزل لنا إلا أن الحادثة أوقفت بناءه منذ نحو 15 عاماً لكي يضمن لنا سكناً ونحن في حال أفضل من ذلك، وهانحن نعيش الحياة بصعوبة لم نكن نعرفها في السابق». لم تتمالك أم أحمد نفسها، وأجهشت بالبكاء من شدة الحزن والتفكير في المستقبل المظلم، وتحت سقف يكاد ينهار على أبنائها وبناتها ناشدت أهل الخير والميسورين مساعدتهم في إكمال منزلهم أو إيجاد منزل يسكنون فيه مع أبنائهم وبناتهم حتى لو كان من «الهنجر».