على جنبات أحد جبال محافظة العارضة الواقعة شرق منطقة جازان تناثر عدد من المساكن الصغيرة، وفوق قمة جبل تسكن أسرة سعودية مكونة من 14 فرداً أنهكها العوز وتقطّعت بأفرادها السبل.وعلى رغم أن رب الأسرة يعول إضافة إلى زوجته وأبنائه السبعة خمس شقيقات، إلا أن عزة نفسه أبت عليه مد يده إلى الآخرين، مع أن الحاجة تجاوزت إفساد واقعهم إلى تهديد مستقبل الأبناء. ويسكن أبو إبراهيم مع أبنائه وشقيقاته في منزل شبه منهار تفتقر بعض غرفه ودورات المياه إلى الأسقف، معتمدين في ملء بطونهم على التنور في حال توافر الدقيق. وأشد ما يلفت الانتباه ويبعث في النفس مرارة وأسى هو المسكن الذي تعيش فيه الأسرة، فهو عبارة عن غرف صغيرة من مكونات «الهنجر» والأخشاب القديمة، ما اضطر رب الأسرة للاستعانة بها وجعلها أسقفاً لمنزلهم الذي امتلأ بالتشققات وانهارت بعض أجزائه، إلى درجة تحول معها إلى خطر يهدد حياتهم. لم يتمالك رب الأسرة نفسه فانسكبت من عينيه الدموع، «منذ فترة طويلة ونحن على هذه الحال، فقد حرمت من التقاعد المعيشي منذ سنين طويلة ولا دخل لي أؤمن به حياة كريمة لأبنائي وأخواتي وزوجتي إلا ما يعطف به علينا أهل الخير أحياناً وما أحصل عليه من الجمعيات الخيرية»، مستدركاً بأن هذه المساعدات لا تسد رمق أطفاله. ويضيف: «لم أعد أستطيع مواجهة أبنائي، فقد ملوا من تطميناتي ووعودي بتحسن الأحوال، والنتيجة أن لا أحد يلتفت إليهم وينتشلهم من حياتهم المليئة بكل أنواع المعاناة». لم تتوقف معاناة الأسرة على الفاقة، بل تجاوزت ذلك إلى إصابة ثلاثة من أفرادها بالأنيميا المنجلية، «أحياناً يتوقف تفكيري من الحيرة والحزن وقلة الحيلة، ولا أعلم هل أكافح هذا المرض الذي أصاب بناتي أم أبحث عما يسد رمق بقية أفراد أسرتي». «الحياة» اتجهت إلى بعض المقربين من الأسرة المعوزة، الذين أكدوا أن هذه الأسرة تفتقر إلى الكثير من الحاجات الأساسية، إضافة إلى خطورة منزلهم على حياتهم، موضحين أن رب الأسرة اضطر إلى بنائه بطريقة بدائية معتمداً على الجريد و«الهنجر» وبعض البلك، بعد أن كان مكاناً للأغنام. حجم المعاناة التي تعيش في دائرتها الأسرة المحطمة يلمسها الزائر في نظرات عيونهم المنكسرة ويتأكد له شظف معيشتهم من خلال ثيابهم الممزقة والبعوض الذي لا يكاد يفارق عيونهم الحزينة.