أثار حكم لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بهيئة السوق المالية بسجن رئيس مجلس إدارة شركة بيشة للتنمية الزراعية السابق نجم الدين ظافر، حال من الجدل بين القانونيين، فالبعض أكد صحة الحكم، فيما رأى أخرون أن الحكم باطل مشيرين إلى ضرورة إعادة النظر في صلاحيات الهيئة. واتفق محامون على وجود تداخل بين نظام حوكمة الشركات، ونظام الشركات، مطالبين بإعادة النظر في ذلك، والإسراع بإصدار نظام الشركات الجديد الذي سيحدد مهام كل قطاع بشكل واضح. وقال المحامي عبدالعزيز الحوشاني ان قرار سجن رئيس مجلس ادارة شركة بيشة السابق: «يوضح أن هناك عداءً شخصياً تجاه نجم الدين ظافر، والحكم أثبت ذلك التوجه لأسباب عدة، منها أن الحكم عبارة عن تداول واستفادة من معلومات داخلية، ولم يكن مضارباً يسعى إلى رفع سعر السهم، لأن جرم المضارب أعظم من الشخص الذي يستفيد من معلومة، ولا ننسى ان هناك أشخاصاً حققوا مكاسب تجاوزت الملايين، ونفذوا عمليات كان تاريخها قبل ذلك، ولم يكن بعد ايقاف شركة بيشة، وبالتالي فأن ذلك كان قبل ثلاث سنوات». واعتبر أن رئيس مجلس إدارة «بيشة» يحق له مقاضاة الهيئة في ديوان المظالم، مشيراً إلى أن هناك مضاربين تمت محاكمتهم وإيقاع عقوبات بحقهم بعد تلك الفترة، وكانت العقوبات أخف. ووصف الحوشاني العقوبة بأنها «قاسية مقارنة بالجرم، إضافة إلى أن الهيئة أصدرت حكماً غيابياً، وهذا الحكم جنائي، والأحكام الجنائية في المملكة لا يجوز ان تصدر غيابياً، ولا بد أن تكون الأحكام حضورية، وهو ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية أ نظام الاجراءات الجزائية». وتابع يقول: «كما أن الحكم تضمن السجن والغرامة وإعادة الفوائد المحققة التي تقدر بأكثر من 52 ألف ريال لحساب صندوق الهيئة، وهي المستفيدة من الحكم، وهذا خطأ، وبالتالي الهيئة مستفيدة من الغرامات سواء على رئيس بيشة أو غيره». واستغرب الحوشاني أن «تكون الهيئة هي الخصم والحكم في الوقت نفسه، كما أنها هي المستفيدة من الحكم، وهذه أخطاء سبق المالبة بحلها، وتبنى بعض أعضاء مجلس الشورى ذلك، لأنه كيف تجتمع السلطات الثلاث في جهة واحدة، وما هو المانع أن يكون القضاء بديوان المظالم أو في المحكمة التجارية؟» وتساءل: «كيف يقوم مجلس الهيئة بتعيين أعضاء اللجنة ورواتب تلك اللجنة تصرف من تلك الغرامات»، كاشفاً عن أن هناك اتفاقات تبرم بين الهيئة وبين المتهمين، ولا يعرفها الكثير من الناس، إذ تقوم الهيئة أحياناً بعقد صفقات داخلية مع المتهم قبل محاكمته من اجل إسقاط التهمة عنه، وذلك من خلال دفع مبلغ محدد كتسوية، في مقابل عدم رفع دعوى عليه وعدم نشر اسمه، ولا يحاكم، وقد حدث ذلك». وأشار إلى أن هذا موجود في نظام هيئة السوق المالية، وهذا خلل يجب معالجته بأسرع وقت، خصوصاً أن الهيئة مطلعة على جميع التداولات والمضاربات في السوق. وبين أن اتجاه مجلس الشورى لمناقشة صلاحيات الهيئة هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وسبق استدعاء رئيس الهيئة للمجلس ولم يحضر كما ذكرت الصحافة، ونأمل من المجلس أن يقوم بتغيير نظام هيئة السوق المالية، والمواد التي تعطي الهيئة الصلاحيات، فالغرامات يجب أن تذهب إلى خزينة الدولة، والأرباح التي حققها المضارب يجب ان تعود للمساهمين، وتأخذ الهيئة بمبدأ إلغاء الصفقات الذي هو معمول بها في جميع أنحاء العالم، وإذا كان رئيس «بيشة» أوغيره حقق أرباحاً فيجب أن تعود إلى الذين اشتروا السهم في تلك الفترة، خصوصاً أن الهيئة تعرف تلك الصفقات. وشدد الحوشاني على أهمية إلغاء المواد التي تسمح للهيئة بأن تكون الحكم والخصم، كما يجب أن يكون التحقيق في يد هيئة التحقيق والادعاء العام، خصوصاً أنها تحقق في قضايا أكبر من قضايا هيئة السوق المالية. وذكر أن أعضاء لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية يعينون بقرار من مجلس الهيئة، ولجنة الاستئناف يتم تعيينها بقرار من مجلس الوزراء، اضافة الى أن أعضاء لجنة الاستئناف ليسوا قضاة متفرغين يتمتعون بالحصانة القضائية، إذ إن لكل واحد منهم وظيفة أخرى. وأشار إلى أن لائحة حوكمة الشركات صدرت بما يخالف نظام السوق المالية، وهذا النظام له لوائح، ويجب أن تكون شرحاً للنظام ولا تشتمل على أشياء جديدة، وعلى سبيل المثال لائحة حوكمة الشركات أكثر من نصفها مأخوذ من نظام الشركات الصادر بمرسوم ملكي، ولائحة حوكمة الشركات صادرة بموجب قرار مجلس الهيئة، وهناك تعارض بين نظام حوكمة الشركات ونظام الشركات. من جهته، قال رئيس اللجنة الوطنية للمحامين بمجلس الغرف التجارية السعودية الدكتور ماجد قاروب إن قضية رئيس مجلس ادارة شركة بيشة مختلفة عن القضايا الأخرى، وكل قضية لها معطياتها وظروفها وأدلتها، لافتاً إلى أن لجنة الفصل في المنازعات لجنة مستقلة عن هيئة سوق المال في اختصاصاتها، وان اختيار لجنة الاستئناف يتم من خلال مجلس الوزراء، وهي مستقلة، ولكنها منشأة وفق نظام هيئة السوق المالية. واعتبر أن بقاء جميع الصلاحيات تابعة للهيئة أمر ضروري، خصوصاً ما يتعلق بالجوانب المالية والقانونية والاقتصادية، خصوصاً في ظل اتجاه مجلس الشورى لمناقشة الصلاحيات المعطاة للهيئة. ولفت قاروب ان قضية شركة «بيشة» أثبت أن هناك تخبطاً وتعارضاً في القرارات بالنسبة لنظام الشركات المساهمة، إذ إن نصوص مواد قانون الشركات ضعيفة، والقضاء التجاري لم يستوعب مستجدات الأمور بالنسبة لمجالس الإدارات وأعضائها وتجاوزات رؤساء مجالس الإدارات، ويعود ذلك الى الضعف في نصوص نظام الشركات، وهذا يتطلب إعادة النظر في ذلك. وأوضح أن هيئة السوق المالية تعمل حالياً على إعادة النظر في هذه النصوص، وتقوم بدور الوزارة فيما يتعلق بهذه النصوص تشريعياً وتنظيمياً.