اقترن الأجر والمثوبة في أداء فريضة الحج بمقدرة الحاج على الصبر والجلد في تحمل المشقة، التي لابد من وجودها في تلك الرحلة العظيمة على مر العصور، ومنذ أن فرض الله الحج قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بآلاف السنين، وبالتحديد في عهد النبي إبراهيم الخليل عليه السلام. ارتسم الفوز بالأجر والمثوبة في مخيلة «حجاج الأرصفة» في المشاعر المقدسة، بضرورة التعرض للمعاناة والمشقة، وخطر الملوثات البيئية التي تقبع على الأرصفة والطرقات، غير ملتزمين بشروط وأنظمة السلطات السعودية في محاربة الافتراش. حملات الأرصفة أطلقت على مفترشيها ب «حج الفقراء»، مزاحمين أهل «الدثور» بالفوز في الأجور، وبأقل الطرق والوسائل تحقيقاً للركن الخامس من أركان الإسلام، إذ ارتسمت قصصٌ شتى على تلك الأرصفة، وتنوعت من كافة أنحاء العالم. ويؤكد وكيل وزارة الحج والمتحدث الرسمي الدكتور حاتم قاضي أن المفترشين من المواطنين والمقيمين ممن يحجون من دون تصاريح، يتسببون في العديد من الآثار السلبية وإعاقة عمل الجهات المختصة وإعاقة حركة الحجيج، مشيراً إلى أن إمارة منطقة مكة أطلقت منذ سبعة أعوام برنامجاً توعوياً تحذر فيه من الآثار السلبية للافتراش والحج من دون تصريح. وتوعدت الوزارة المقيمين المخالفين لأنظمة الحج بالافتراش والحج من دون تصريح، بعقوبات تصل إلى إبعادهم من المملكة، وحرمانهم من الدخول لمدة تصل إلى 10 أعوام. فيما يقول الحاج البنغلاديشي أنور عبدالجليل إن رحلة الحج تتطلب كلفة باهظة الثمن للاشتراك في الحملات التجارية، ولكنها في نهاية المطاف لا تضيف شيئاً في تحقق الأجر والمثوبة من أداء الفريضة، معتبراً أن الافتراش وسيلة بسيطة تؤدي الغرض من أداء النسك، دون اختلاف بين الجنسيات والألوان. ويشير أنور ذو ال 24 عاماً يتيم الوالدين إلى أن حملات الحج بالغت في أداء الخدمات على حساب الحجاج وبكلفة مرتفعة، إذ إنها لا تزيد من أجر الحاج شيئاً، مبيناً أن الحجاج مفترشي الأرصفة لا يقلون أجراً عن حجاج الحملات التجارية. من جهته، أطلق الحاج عبدالرحمن البشير سعودي الجنسية مصطلحاً على المفترشين في المشاعر المقدسة الذين ينتمي إليهم بتسمية رحلتهم «حج الفقراء»، والذي لا يكلف أداؤه أكثر من 500 ريال، من المستلزمات الضرورية مثل الأكل والشرب وافتراش الأرصفة. ويضيف: «أطلقت جهات عدة حملات دعائية وإعلامية على مفترشي الأرصفة تصفهم بالعشوائيين والمخربين، بيد أنهم يؤدون الفرض كاملاً والنسك من دون نقصان عن حجاج الحملات الأخرى، فلو تم القضاء على غلاء الحملات لانتهت تلك الإشكالات التي طالت منذ عقود طويلة». ويرى البشير الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة أن فرض الاشتراك في الحملات التجارية أمرٌ غير مشروع شرعاً، إذ يحق للحاج اختيار الطريقة التي تناسبه في أداء حجه، مضيفاً: «هم ضيوف الرحمن لا يحق التهاون في خدمتهم، والتمييز بينهم في حملات تجارية أو على الأرصفة». فيما يرى الحاج عاشور عبدالرحمن مصري الجنسية أن الكلفة المادية للاشتراك في الحملات التجارية لن تعيق الحجاج من أداء فريضتهم، برغم وجود برنامج الحج المخفض إلا أن التسجيل فيه يعتبر ضرباً من ضروب الخيال في ظل ازدحام مرتاديه. ويبين أن كلفة قدومه للعمل في السعودية تجاوزت 50 ألف ريال، حتى يتسنى له العمل وأداء الفريضة، والتي تحُول بين كثير من أقرانه للقدوم إلى السعودية والعمل فيها بغية الحج، وتوفير لقمة العيش. وكانت السلطات السعودية أطلقت حملات دعائية وتوعوية تنادي بضرورة الالتزام بالأنظمة والقوانين أثناء أداء شعيرة الحج، ومنع الافتراش في الأرصفة، وذلك بالحد منها ومنع دخول غير المرخص لهم بالحج من الدخول إلى مكةالمكرمة من منافذها.