على رغم الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها تجاه العمالة المخالفة في المملكة، إلا أنها لم تستطع أن تحدّ منها بشكل تام، فللعمالة قضية متجددة ومتكررة، فهي ما إن تتلاشى جزئياً حتى تظهر على السطح بوضوح أكثر، من دون الوصول إلى حلّ يؤدي إلى مكافحتها ومن ثم تلاشيها. وترحّل المملكة في كل عام عدداً كبيراً من العمالة السائبة، الذين يقيمون بشكلٍ غير نظامي أو يعملون بشكل مخالف للأنظمة، إلا أن أسلوب الترحيل تشوبه بعض الملاحظات من وجهة نظر الكثيرين، يبرز منها أنه مرن وغير صارم، ويتيح للكثير من المرحّلين العودة لاحقاً وخلال فترة قصيرة، وفي العام الماضي وحده وصل عدد من تم ترحيلهم لبلدانهم إلى 575 ألف شخص من المتسللين ومخالفي نظام الإقامة، وذلك من بين قرابة 9 ملايين وافد يقيمون حالياً في المملكة، في حين وصل عدد المرحّلين منذ مطلع العام الهجري الحالي إلى 200 ألف مخالف، بما يعادل 1666 مخالفاً يومياً، وذلك بعد حملات تفتيشية مكثّفة شملت جميع مناطق المملكة، قامت بها الجوازات وجهات أمنية أخرى. وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى كشفت عن أن المقيمين المخالفين للإقامة ومن دخلوا الأراضي السعودية بطرق غير نظامية، يقدّر عددهم ب 5 ملايين، يرتكبون 60 في المئة من الجرائم التي ترد إلى مراكز الشرطة. وأوضحت أنهم يشكّلون خطراً على الأمن من خلال نشرهم الجريمة بمختلف أشكالها من مخدرات وسرقة وقتل وغيرها. ومع هذا التزايد على مستوى العمالة المخالفة في المملكة، والعمل على التوصّل إلى الكثير منهم، تبرز تساؤلات متعلقة بكيفية دخولهم، وما هي أبرز المنافذ التي يستخدمونها، وسط مطالب بجهود أكثر حزماً وشدّة، انطلاقاً مما قد يتسبّب فيه وجودهم من مشكلات مختلفة تمسّ أمن الوطن والمواطن، ويبدو أن ثمة تحركات مضاعفة للقضاء على انتشار العمالة المخالفة في المملكة، خصوصاً بعد قرار مجلس الوزراء الصادر أخيراً بمنع أصحاب المنشآت من ترك عمالهم يعملون لدى الغير، في حين تتولّى وزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها، ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة في شأنها. ووصلت التحويلات المصرفية من العمالة الوافدة النظامية والمخالفة خلال عام 2012 إلى 105 بلايين ريال، الأمر الذي قد لا يكون متناسباً مع أجورهم العملية التي يتقاضونها في مقابل الأعمال التي تم استقدامهم عليها، ما دعا وزارة العمل إلى درسها وإقرار مشروع وطني يلزم أي عامل أجنبي بعدم تحويل مبالغ تفوق راتبه، وفي حال مخالفة ذلك سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية والعقوبات المناسبة، إلا أن هذه الخطوة لا تزال قيد الدرس، ولا يُعرف متى ستجد سبيلها للتطبيق الفعلي. العمالة المخالفة مع كل ما تمثّله من خطر، إلا أن الجهود المبذولة قد لا تكون بذلك المستوى الذي يتناسب معها، ولاسيما بعد ما شهدته بعض مناطق المملكة أخيراً من مشكلات، مثل منطقة عسير التي دخلت في مواجهة مع عدد من العمالة الوافدة خصوصاً من الجنسية الإثيوبية. وكانت المديرية العامة للجوازات شدّدت على جميع الشركات والمؤسسات والمواطنين والمقيمين بعدم التعامل مع من يخالف أنظمة الإقامة بالتشغيل أو الإيواء أو النقل، حتى لا يتعرضوا إلى المساءلة وتطبيق العقوبات في حقهم.