لاحت خلال الأيام الماضية بوادر أزمة بين الحكم في مصر وحزب «النور» السلفي، قبل انطلاق الانتخابات التشريعية المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام. وفي وقت تترقب الأوساط السياسية إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ليأذن بإعلان الجدول الزمني للتشريعيات، ظهرت بوادر توتر في العلاقة بين الحكم وحزب «النور» الذي كان أيد عزل الرئيس السابق محمد مرسي وأيد السيسي في الانتخابات الرئاسية. وكان لافتاً أن يشن رئيس الحزب يونس مخيون هجوماً على أركان في الحكومة، منتقداً «استمرار الفساد الذي مازال يضرب بجذوره في معظم المؤسسات»، منبهاً إلى أنه «لا يمكن تحقيق أي تنمية في ظل وجود الفساد». وبدا حديث مخيون جزءاً من الأزمة التي أثارها وصف حزبه في كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي بأنه حزب «غير دستوري». وكان الحزب رد ببيان اعتبر أن لجنة وضع الكتاب «ليس من حقها ولا من صلاحياتها الحكم على شرعية الأحزاب من عدمها»، مطالباً ب «محاسبة المسؤولين عن وضع منهج كتاب التاريخ وتدخل رئيس الوزراء إبراهيم محلب شخصياً». ويواجه «النور» عدداً من الدعاوى القضائية التي تطالب بحله، استناداً إلى أنه «تشكل على أساس ديني بما يخالف الدستور الجديد». كما يدفع في هذا الاتجاه عدد من المناصرين للحكم الذين يطالبون أيضاً بحل جماعة «الدعوة السلفية»، الجماعة الأم للحزب. ويرفض الحزب دعاوى الحل، ويذكر بأنه كان ضمن «لجنة الخمسين» التي صاغت الدستور عقب عزل مرسي. وهاجم مخيون وزير الثقافة جابر عصفور، رداً على تصريحات للأخير اعتبر فيها أن الكتب «لها قدسية حتى ولو كان فيها ما يخالف الثوابت الإسلامية»، وأن «الصور العارية جمال إنساني ولا ضرر من رؤية الطفل صوراً عارية». وقال مخيون في بيان ان «وزير الثقافة المسؤول عن تثقيف المصريين لا يفرق بين النخبة العلمانية المتطرفة وعموم الشعب المصري، وكذلك لا يفرق بين كونه مثقفاً علمانياً وكونه مسؤولاً ووزيراً في حكومة يعبر عن سياساتها وتوجهها». وتوجه إلى «القائمين على أمر البلاد»، متسائلاً: «هل هذا هو توجهكم؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فهل من حق أي وزير أن يشطح ويقول ما يشاء خارج المنظومة؟». وطالب الأزهر «بما خوّله له الدستور» ودار الإفتاء بأن «يوضحا حكم الإسلام في ما نسب إلى وزير الثقافة». وكان لافتاً أن يهاجم مخيون في بيان آخر «استمرار تفشي الفساد داخل مؤسسات الدولة»، منبهاً إلى أنه «لا يمكن تحقيق أي تنمية في ظل وجود الفساد». وأعرب عن اعتقاده بأن «الفساد مازال يضرب بجذوره في معظم المؤسسات، بل هو في ازدياد... المحسوبية، الوساطة، الرشاوى، تشريعات تخدم المفسدين، استيلاء على المال العام، صفقات مشبوهة، إسراف حكومي. موروثات عفنة من عصور مظلمة». وتساءل: «كيف يمكن لدولة أن تحقق تقدماً أو تنمية في ظل وجود هذا الكم من الفساد؟». ورأى أن «الأمر يحتاج إجراءات حاسمة وتشريعات صارمة وتغييراً جذرياً للمنظومة الإدارية. نحتاج ثورة حقيقية ضد الفساد والمفسدين إذا كنا جادين في الإصلاح». إلى ذلك، رهن الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى ترشحه للبرلمان ب «تشكيل قائمة وطنية غير حزبية». وترشح قوى سياسية موسى لرئاسة البرلمان الجديد، وهو كان لعب دوراً في محاولة تشكيل تحالف انتخابي واسع على قاعدة تأييد الرئيس السيسي، لكن محاولاته باءت بالفشل. وقال موسى في بيان: «مازلت أرى - في ما يتعلق بالقوائم - ضرورة أن تُعد قائمة مدنية وطنية تستهدف انتخاب كفاءات وقدرات تستطيع ممارسة عملية التشريع والرقابة البرلمانية وتلبي مطالب الدستور وشروط القانون». وأوضح أن موقفه من الترشح عن أنه لن ينضم إلى أي قائمة «لا تلبي هذه المتطلبات أو لا تكون جامعة غير حزبية، وهو ما لم يتوافر حتى الآن... قراري دخول الانتخابات من عدمه يخضع للعديد من المعطيات ولم يتخذ بعد». وأوضح أحمد كامل الناطق باسم موسى أن الأخير «يطلق صافرة إنذار إزاء تفكك وتفتيت القوى المدنية»، مؤكداً أنه «لن يترشح ما لم يتم تشكيل قائمة قومية موحدة لكتلة الأحزاب المدنية». وقال ل «الحياة» إن موسى «رفض فكرة المحاصصة الحزبية في تشكيل القوائم الانتخابية وطالب باستيفاء الاشتراطات والاستحقاقات الدستورية من خلال تمثيل الأقليات الدينية والنوعية والعرقية في قائمة قومية جامعة تعتمد على الكفاءة والجدارة وحدهما». ورأى أن «استمرار الأوضاع على هذه الحال من التفكك والتشرذم يعني أن القوي المدنية في مصر لا تتعلم من أخطائها وستدفع ثمناً غالياً في المستقبل». وكانت قوى سياسية أعلنت تشكيل عدد من التحالفات، يتقدمها «تحالف الوفد المصري» الذي يقوده حزب «الوفد» الليبرالي ويضم أحزاب «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «المحافظين»، و «الإصلاح والتنمية». ودشن عدد من الأحزاب المحسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك تحالف باسم «الجبهة المصرية» يتزعمه حزب «الحركة الوطنية» الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق، فيما أعلنت أحزاب محسوبة على الثورة تشكيل «تحالف التيار الديموقراطي» الذي يضم أحزاب «الدستور»، و «التحالف الشعبي»، و «مصر الحرية»، و «العدل»، و «الكرامة»، و «التيار الشعبي».