قبل إعلان الخارطة الزمنية للانتخابات التشريعية التي يتوقع إجراؤها أواخر العام الجاري، اشتد التنافس على رئاسة مجلس النواب المقبل بين شخصيات مؤيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي. ويدفع حزب «الوفد» الذي يقود «تحالف الوفد المصري» باتجاه تولي الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى المنصب، رغم انسحاب الأخير من مشاورات تشكيل التحالفات الانتخابية، فيما ترشح شخصيات عامة الرئيس السابق رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور باعتباره رجل قانون. وتتردد أسماء رئيس «نادي قضاة مصر» أحمد الزند والنائب السابق لرئيس المحكمة الدستورية تهاني الجبالي في بورصة الترشيحات. وكان السيسي شدد خلال اتصال هاتفي تلقاه قبل أيام من المستشارة الألمانية أنغيلا مركل على أن «المواطن المصري هو صاحب الكلمة الأولى في اختيار من سيمثله في البرلمان الجديد»، مشيراً إلى أن «البلاد تستعد للاستحقاق الأخير في خريطة الطريق» من دون أن يحدد موعداً. ويكتسب البرلمان المقبل أهمية كبيرة، فإضافة إلى اختصاص التشريع، ستكون له الكلمة العليا في تشكيل الحكومة الجديدة، إذ يلزم الدستور حصول رئيس الحكومة الذي يرشحه الرئيس على ثقة غالبية البرلمان، فإن لم يتحقق ذلك يرشح الرئيس رئيس حكومة من حزب الغالبية أو الأكثرية النيابية، ليعاود البرلمان التصويت عليه مجدداً. وتترقب الأوساط السياسية إصدار السيسي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، لتنطلق بعدها التشريعيات بإعلان اللجنة القضائية المشرفة على الاستحقاق الخريطة الزمنية لانتخاب 540 نائباً. وفي حين بدأ التنافس على رئاسة البرلمان المقبل، لا تزال مفاوضات الاندماج الجارية بين تحالف «الوفد المصري» وتحالف «التيار الديموقراطي» الذي يضم مجموعه من الأحزاب التي دعمت المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي متعثرة، لاسيما بعد إعلان رئيس «الوفد» السيد البدوي رفضه التحالف مع «التيار الشعبي» الذي يتزعمه صباحي باعتباره حركة احتجاجية، معتبراً أن التحالف مع التيار «معناه خسارة الانتخابات». وعقد مسؤولون في التحالفين اجتماعاً أول من أمس لمحاولة احتواء الخلافات لكن الاجتماع لم يخرج بنتيجة. وقال رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» المنضوي في «تحالف الوفد» محمد أنور السادات، إن تحالفه «لم يتخذ قراراً في شأن انضمام أحزاب التيار الديموقراطي. ما يحدث مجرد مشاورات مع التحالفات السياسية والشخصيات العامة استعداداً للتشريعيات». واستبعد التحالف بين الكيانين، موضحاً ل «الحياة» أن «التحالفات لا بد أن تقوم على مبادئ واحدة ورؤى سياسية متقاربة، وهو أمر غير متوافر، فهناك خلافات كبيرة بين الأحزاب المنضوية في الوفد المصري، وأحزاب داخل التيار الديموقراطي، وحصول تحالف بين الكيانين قد تترتب عليه خسارة الانتخابات». في المقابل، قال القيادي في «التيار الشعبي» المنضوي في «تحالف التيار الديموقراطي» عبدالعزيز الحسيني إن «أحزاب التيار ساءتها تصريحات البدوي، ولا يمكن وجود تحالف من دون الرجوع عن هذه التصريحات والوعي بأن مصر في مرحله حرجة تحتاج إلى كتلة وطنية داخل البرلمان تستطيع تحويل الدستور إلى قوانين وتنحية الخلافات الأيديولوجية... لن يرحمهم الشعب لأنها الأخطاء ذاتها التي وقعنا فيها بعد الثورة». وشدد على أنه «لا يجوز لطرف فرض اختيارات مرشحين على الطرف الآخر، ولا يمكن اجتزاء أعضاء داخل التيار الديموقراطي الذي يصر على خوض الانتخابات ككتلة موحدة». في المقابل، باتت قوائم مرشحي تحالف «الجبهة المصرية- تحيا مصر» الذي يقوده حزب «الحركة الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق ويضم أحزاباً محسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك، في طورها النهائي بانتظار قانون تقسيم الدوائر. وقال ل «الحياة» الأمين العام لحزب «الحركة الوطنية» صفوت النحاس: «وضعنا قواعد وأسساً لقبول المرشحين من أطراف التحالف، ونتحرك الآن باتجاه وضع خطة التحرك الجماهيري في المحافظات وتقسيم الأدوار بين الأحزاب المنخرطة في التحالف»، مشيراً إلى اتصالات مع أمناء الأحزاب في المحافظات للتنسيق والتشاور. ولفت إلى أن «خطة التحرك في الشارع سيتم اعتمادها الأسبوع المقبل لنطلق بعدها مؤتمرات في القرى والمحافظات لحشد المؤيدين». وأكد أن تحالفه «لن يعتمد على المحاصصة الحزبية في قوائمه الانتخابية... نبحث عن أقوى المرشحين، سواء كان على المقاعد المخصصة للنظام الفردي أو القوائم، وسيتم التنسيق مع القوى المجتمعية والمجالس المتخصصة لإرسال مرشحيها إن رغبت، لوضعهم ضمن الحصص التي يلزم الدستور بالدفع بها للفئات المهمشة (النساء والشباب والأقباط ومتحدي الإعاقة والمصريين في الخارج». في المقابل، رفض رئيس حزب «النور» يونس مخيون، اتهام حزبه باستخدام دور العبادة في العمل السياسي، مشيراً إلى أن «النور هو أول من طالب وزير الأوقاف بمنع استخدام المنابر للدعايات الانتخابية، وعدم استخدام المساجد في دعايات حزبية». وشدد على «أهمية تواصل الدعاة أصحاب المنهج الوسطي مع الناس والشباب في هذه المرحلة للتصدي للأفكار الهدامة في رؤوس الشباب المغرر بهم». وأضاف أن «من يدعي علينا غير ذلك فهذا كلام باطل ومرسل، فالمساجد للدعوة إلى الله وليست لحزب أو لشخص بعينه، وإذا ثبت عكس ذلك واستخدم أي أحد المنابر في الدعايات، فنطالب باتخاذ الإجراءات القانونية لمواجهة ذلك». وعلى صعيد استعدادات الحزب للاستحقاق التشريعي، أوضح عضو الهيئة العليا في «النور» صلاح عبدالمعبود، أن «قوائم المرشحين باتت في طورها النهائي... لجان المحافظات أرسلت المرشحين المقترحين إلى اللجنة المركزية ونطابق الآن تلك الأسماء مع المعايير التي حددناها، هناك بعض المرشحين قبلت أسماؤهم وبعضهم لا يزال تحت التدقيق». وكشف ل «الحياة» أن قوائم مرشحي حزبه ستضم مرشحين من خارجه. وقال: «لدينا مرشحون من رجال أعمال وشخصيات عامة وتكنوقراط من خارج الحزب، سنعلن أسماء مرشحينا عقب صدور قانون تقسيم الدوائر، كما أن خطة تحركنا في الدوائر مرهونة أيضاً بصدور القانون». على صعيد آخر استقبل السيسي أمس وزير خارجية بوركينا فاسو جابريل باسوليه. ونقل بيان رئاسي ترحيب الوزير البوركيني باستئناف مصر أنشطتها في الاتحاد الأفريقي، باعتباره «إثراء لأنشطة الاتحاد في شتى المجالات، ومن بينها حفظ السلام وتحقيق الاستقرار في أفريقيا». وشهد اللقاء عرضاً «لتطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية، سواء في منطقة الشرق الأوسط، وكذا منطقة الساحل والصحراء، وتوافقت الرؤى على ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفقر للقضاء على البيئة الخصبة لنمو الإرهاب والتطرف».